وقال عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): قل يا محمد (لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين ولا يرجعون إلى ضلال أبدا، وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض [أهل بيته] (1) عدوا له، فلا يسلم [له] قلب الرجل، فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شئ، ففرض عليهم مودة ذوي القربى، فمن أخذ بها وأحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله ان يبغضه، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله ان يبغضه، لأنه ترك فريضة من فرائض الله، فأي فضلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه، فأنزل الله هذه الآية على نبيه (صلى الله عليه وآله): * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *، فقام رسول الله في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال:
يا أيها الناس ان الله قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد، فقال: [يا] (2) أيها الناس انه ليس بذهب ولا فضة (3) ولا مأكول ولا مشروب، فقالوا: هات إذا، فتلا عليهم هذه الآية، فقالوا: أما هذا فنعم، فما وفى بها أكثرهم، وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا إلا أن الله يوفه أجر الأنبياء (4) ومحمد (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل [طاعته] (5) مودة قرابته على أمته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليؤدوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أحب (6) الله عز وجل لهم، فأن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل.
فلما أوجب الله ذلك ثقل [ذلك] (7) لثقل وجوب الطاعة، فتمسك بها قوم [قد] (8) أخذ الله ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق (والحسد) (9)