الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله، وكان موسى قد وجه إليه من كربه وكرب جميع أرض الحائر وحرثها وزرع الزرع فيها، فانتفخ موسى حتى كاد ان ينقد، ثم قال: وما أنت وذا؟ قال: أسمع حتى أخبرك:
أعلم اني رأيت في منامي كأني خرجت إلى قومي بني غاضرة، فلما صرت بقنطرة الكوفة اعترضني خنازير عشرة تريدني فأغاثني الله برجل كنت أعرفه من بني أسد فدفعها عني، فمضيت لوجهي، فلما صرت إلى شاهي ضللت الطريق ورأيت هناك عجوزا، فقالت لي: أين تريد أيها الشيخ؟ قلت: أريد الغاضرية فقالت لي: تنظر هذا الوادي، فإنك إذا أتيت إلى آخره اتضح لك الطريق، فمضيت وفعلت ذلك، فلما صرت إلى نينوى إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك، فقلت: من أين أنت أيها الشيخ؟ فقال لي: أنا من أهل هذه القرية، فقلت: كم تعد من السنين؟
فقال: ما أحفظ مما مضى من سني، ولكن أبعد ذكري إني رأيت الحسين بن علي (عليهما السلام) ومن كان معه من أهله ومن تبعه يمنعون الماء الذي تراه ولا يمنع الكلاب ولا الوحوش شربه، فاستعظمت ذلك فقلت له: ويحك أنت رأيت هذا؟
قال: إي والذي سمك السماء لقد رأيت هذا أيها الشيخ وعاينته وأنت وأصحابك الذين تعينون على ما قد رأينا، فما أقرح عيون المسلمين إن كان في الدنيا مسلم.
فقلت: ويحك وما هو؟ قال: حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه، فقلت:
ما أجرى إليه؟ قال: أيكرب قبر ابن بنت النبي (صلى الله عليه وآله) ويحرث أرضه؟ فقلت: وأين القبر؟ قال: هاهو ذا أنت واقف في أرضه، فأما القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه.
قال أبو بكر بن عياش: وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قط ولا أتيته في طول عمري، فقلت: فمن لي بمعرفته، فمضى معي الشيخ حتى وقف بي على حاير (1) له باب وآذن، وإذا جماعة كثيرة على الباب، فقلت للآذن: أريد الدخول على ابن بنت رسول الله، فقال: لا تقدر على الوصول في هذا الوقت، قلت: ولم؟
قال: هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله ومحمد رسول الله ومعهما جبرئيل