عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر، فقال جل جلاله: يا موسى! أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي، فقال موسى: يا رب!
ليتني كنت أراهم، فأوحى الله جل جلاله إليه: يا موسى! انك لن تراهم، فليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان (1) جنات عدن والفردوس بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون وفي خيراتها يتبحبحون (2) أفتحب أن أسمعك كلامهم؟
قال: نعم إلهي، قال الله جل جلاله: قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، ففعل ذلك موسى (عليه السلام)، فنادى ربنا جل جلاله: يا أمة محمد، فأجابوه كلهم، وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك (3) لا شريك لك.
قال: فجعل الله عز وجل تلك الإجابة شعار الحج (4) ثم نادى ربنا عز وجل يا أمة محمد ان قضاي عليكم ان رحمتي سبقت غضبي وعفوي قبل عقابي، قد استجبت لكم من قبل أن تدعوني وأعطيتكم من قبل أن تسألوني، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صادق في أقواله ومحق في أفعاله، وان علي بن أبي طالب أخوه ووصيه من بعده ووليه ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، وان أولياءه المصطفين المطهرين المبلغين (5) بعجايب آيات الله ودلايل حجج الله من بعدهما أدخله جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.
قال (عليه السلام): فلما بعث الله عز وجل نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) قال: يا محمد وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة، ثم قال عز وجل لمحمد: قل: الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة، وقال لامته: قولوا أنتم: الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل " (6).