الانسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر (1) نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته:
يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة النساء (2) قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت [بقلبها] (3) على عبادتي، أشهدكم اني قد أمنت شيعتها من النار، واني رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها وقد دخل الذل بيتها وانتهكت حرمتها وغصب حقها ومنعت ارثها [وكسر جنبها] (4) وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمد، فلا تجاب وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة [باكية] (5) تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة وتتذكر فراقي أخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة.
فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة ان الله اصطفاك وطهرك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، ثم يبتدى بها الوجع، فتمرض، فيبعث الله عز وجل إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علتها، فتقول عند ذلك:
يا رب إني [قد] (6) سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدنيا فالحقني بأبي، فيلحقها الله عز وجل بي، فتكون أول من تلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة مكروهة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك، اللهم العن من ظلمها وعاقب من غصبها وأذل (7) من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبيها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين.
وأما الحسن فإنه ابني وولدي و [بضعة] (8) مني وقرة عيني وضياء قلبي وثمرة فؤادي، وهو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الأمة، أمره أمري وقوله قولي