صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال بزعمهم (ليؤمكم أفضلكم وليؤمكم أعلمكم) وأنهم قد أجمعوا على تقديم أبي بكر وإمامته بزعمهم لما أجمع عليه الصحابة أنه أعلمهم وأفضلهم إذ كان إجماعهم لا يجوز أن يكون باطلا (فأقول) وبالله أستعين أن الذي تخرصوا فيه على الرسول (ص) من قوله بزعمهم ليؤمكم أعلمهم وأفضلكم لا يخلوا أن يكون أراد بذلك الإمامة في جميع الدين أو أراد به الصلاة دون غيرها وقد علمنا أن كل أهل بلد يحتاجون إلى من يصلي بهم ولا يجوز أن يصلي جميع أهل البلاد بإمام واحد بل لا يمكن ذلك لأهل بلد واحد حتى يكون لأهل كل محلة من يصلي بهم، وإذا كان ذلك كذلك فقد لزم الأمة أن يختاروا في كل بلد أعلمهم وأفضلهم للصلاة بهم وإذا لزمهم ذلك فقد يجوز أن يكون في بلد رجل واحد هو أعلمهم وأفضلهم فيمتنع عليهم أن يصلي بهم وإذا امتنع عليهم ذلك الفاضل فما يصنعون يقدمون غيره أم يهملون الصلاة جماعة ولا يجمعون صلاتهم، فإن قالوا يهملون الصلاة جماعة فقد قصدوا تعطيل سنة رسول الله (ص) في جميع الصلوات ونسبوا الرسول (ص) إلى أنه استن سنة فضل ثم بعثهم بهذا القول على تعطيلها، وقائل هذا جاهل، وإن قالوا أنهم يقدمون غير الفاضل إذا امتنع عليهم الفاضل، قيل لهم فقد ألزمتم الأمة جميعا خلاف الرسول (ص) فإذا جاز عندكم خلاف الرسول (ص) في هذا الحد فما في قوله من الفائدة إذا أجزتم تقديم غير الفاضل، وهل يخلو قول الرسول (ص) من أن يكون لأهل المدينة دون غيرهم أو هو لازم لجميع الناس في سائر البلدان، فإن قالوا لأهل المدينة خاصة كان على مدعي ذلك إقامة البينة والدليل عليه بخبر مجمع عليه عن الرسول (ص) ولن يجدوا إلى ذلك سبيلا، وإن قالوا بل هو لجميع الناس، فقيل لهم نجد جميع فقهائهم وعلمائهم في جميع الأمصار يقدمون للصلاة من هو دونهم في العلم والفضل عندهم، فإما أن تشهدوا على فقهائكم وعلمائكم بمخالفة الرسول
(٣٩)