يروون عن عمر أنه قال (وددت أني شعرة في صدر أبي بكر ما أردت حالا في الخبر إلا وجدت أن أبا بكر قد سبقني إليها ولقد كنت أبادر إذا أمر رسول الله بشئ من افعال الخير طمعا في أن أسبق أبا بكر إليه فأجده قد سبقني إلى ذلك) فإن كان هذا الخبر صحيحا فالأول باطل لأن من كان يجهد ويتعمد السبق إلى خصلة من خصال الخير فيجد غيره قد سبقه إليه فالسابق بغير تكلف أقوى في نفسه ودينه جميعا ممن يتكلف فلا يسبق، فليس نجد بحمد الله ومنه من أخبارهم إلا ومعه خبرا آخر ينقضه ويبطله، وهذا لعمري سبيل الباطل تنضاد أخباره وتختلف تمثيلاته حتى لا يثبت له أصل ولا يتم له فصل عند ذوي الفهم والتمييز، وإن كان سبقهما وتسابقهما إلى أفعال الخير نزعمهم عند نزل هذه الآية إذ قال (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) فأجمعت الأمة أنهما وجماعة من المهاجرين والأنصار تخلفوا عن مناجاة الرسول (ص) عند ذلك غير علي ابن أبي طالب عليه السلام، هذا ما ما يلزمهم أيضا في قول عمر أنه كان يتعمد في مسابقة أبي بكر لأنه كان رجلا حسودا لا خيرا في الدين وكان يحسد أبا بكر على سبقه ويجهد أن يتقدمه بزعمهم في السبق فلا يتهيأ له وقد رووا جميعا أن الرسول (ص) قال إن الخلود في النار، ومع ذلك فيقال لهم أخبرونا عن هذا الرجل الذي زعمتم أن الله عز وجل أعز الاسلام به هل تجدون له مقاما في شئ من المغازي ومجاهدة المشركين ومبارزة الأبطال من الكفار أو كشف في ذلك كربة عن رسول الله (ص) أو عن المسلمين أو أقام في شئ من ذلك مقام المحمودين فلا تجدون إلى ذلك سبيلا بل تجدون هزيمته وفراره في كثير من المواطن التي كان فيها مع رسول الله (ص) ظاهرا ذلك مشهودا في أخبار أوليائه. ودون ما شرحناه من فساد هذه الأخبار المتخرصة كفاية ومقنع ونهاية.
ومثل روايتهم عن ابن مسعود أنه قال لما قتل عمر (ذهب تسعة أعشار