(ص) عامدين متعمدين ومن كان في هذه الصفة كان كل من أتبعه واقتدى به في مذهبه سبيله في الخلاف على الرسول (ص) كسبيله، وفي الخلاف على الرسول (ص) تعمد الكفر بالله والخروج من الدين، وكفى بهذا المذهب لصاحبه خزيا وفضيحة ومقتا. وإما أن ترجعوا إلى قولنا في تكذيب هذا الخبر وإنه ليس من قول الرسول (ص) إذ كان فيه تكلف ما لا يطاق والله لا يكلف العباد ولا رسوله ما لا يطيقون، وذلك أنه لو كان في بلد واحد عشرة من العلماء لكان على أهل ذلك البلد أن يميزوا بين العشرة حتى يختاروا للصلاة بهم أعلمهم وأفضلهم وهذا ما لا تهتدي العامة إليه أبدا لأن العامة لا تبلغ منازل العلم فتعلم إذا اختلف العلماء منهم من أعلمهم وأفضلهم لأن الفاضل منهم عند اختلافهم من كان معه الحق في الاختلاف فلو بلغت العامة معرفة الحق مع من هو منهم إذا اختلفوا لكان العامة عند ذلك أعلم منهم وأفضل، وهذا قول جاهل غير عليم سفيه غير حكيم وإن قالوا أن قول الرسول (ص) ليؤمكم أعلمكم وأفضلكم معناه الإمامة في جميع الدين فقد علمنا أن الإمامة في الدين لا تكون إلا لرجل واحد على جميع أهل الأمصار من بلدان المسلمين وهذا مما لا خلاف فيه، وإذا كان ذلك كذلك لزم حق النظر أن يجتمع جميع أهل البلدان في كل عصر وزمان حتى يمتحنوا جميعهم فيعلموا أعلمهم وأفضلهم فيختاروه للصلاة وهذا مما لا تطيقه الخلق وهو تكليف ما لا يطاق تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ومع ذلك فلو أطاقه الخلف لزمهم تجهيل المهاجرين والأنصار جميعا عند إيجاب هذا الخبر وكذلك أن الإجماع واقع على المهاجرين والأنصار لم يجتمعوا لامتحان جميعهم حين ولوا أبا بكر أمرهم حتى علموا أن ليس فيهم أعلم من أبي بكر وإنما وقعت البيعة عقيب اختلاف وضجة وتنازع بين المهاجرين والأنصار كل منهم يذكر أنه أحق بالأمر من غيره ومع هذا كله وجدنا أبا بكر قد أقر على نفسه بغير خلاف بجهل كثير من العلم وأنه ضل عنه أحكام
(٤٠)