ثم قال: أيها الناس! إنها معذرة إلى الله وإلى من حضر من المسلمين، إني لم أقدم على هذا البلد حتى أتتني كتبكم (1) وقدمت علي رسلكم أن اقدم إلينا إنه ليس علينا (2) إمام فلعل الله أن يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فإن تعطوني ما يثق به قلبي من عهودكم ومن مواثيقكم دخلت معكم إلى مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم كارهين لقدومي عليكم انصرفت إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم (3). قال: فسكت القوم عنه ولم يجيبوا بشيء.
و أمر الحر بن يزيد بخيمة له فضربت، فدخلها وجلس فيها. فلم يزل الحسين رضي الله عنه واقفا مقابلهم وكل واحد منهم آخذ بعنان فرسه (4). وإذا كتاب قد ورد من الكوفة: من عبيد الله بن زياد إلى الحر بن يزيد أما بعد، يا أخي! إذا أتاك كتابي فجعجع (5) بالحسين ولا تفارقه حتى تأتيني به، فإني أمرت رسولي أن لا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذ أمري إليك - والسلام - (6). قال: فلما قرأ الحر الكتاب بعث إلى ثقات أصحابه فدعاهم ثم قال: ويحكم ورد علي كتاب عبيد الله بن زياد يأمرني أن أقدم إلى الحسين بما يسوؤه، ووالله ما تطاوعني نفسي ولا تجيبني إلى ذلك. فالتفت رجل من أصحاب الحر بن يزيد يكنى أبا الشعثاء (7) الكندي إلى رسول عبيد الله بن زياد، فقال له: فيما ذا جئت ثكلتك أمك؟ فقال له: أطعت إمامي ووفيت ببيعتي وجئت برسالة أميري. فقال له أبو الشعثاء (7): لقد عصيت ربك وأطعت إمامك وأهلكت نفسك واكتسبت عارا (9). فبئس الإمام إمامك! قال الله عز وجل: