(وجعلنهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) (1).
قال: ودنت صلاة العصر فأمر الحسين مؤذنه فأذن وأقام الصلاة. وتقدم الحسين فصلى بالعسكرين. فلما انصرف من صلاته وثب قائما على قدميه.
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! أنا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن أولى بولاية هذه الأمور عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم (2) والسائرين فيكم بالظلم (3) والعدوان، فإن تثقوا بالله وتعرفوا الحق لأهله فيكون ذلك لله رضى، وإن كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم على خلاف ما جاءت به كتبكم وقدمت به رسلكم انصرفت عنكم.
قال: فتكلم الحرب بن يزيد بينه وبين أصحابه فقال: أبا عبد الله! ما نعرف هذه الكتب ولا من هؤلاء الرسل. قال: فالتفت الحسين إلى غلام له يقال له عقبة بن سمعان فقال: يا عقبة! هات الخرجين اللذين (4) فيهما الكتب: فجاء عقبة بكتب أهل الشام والكوفة فنثرها بين أيديهم ثم تنحى، فتقدموا ونظروا إلى عنوانها ثم تنحوا، فقال الحر بن يزيد: أبا عبد الله! لسنا من القوم الذين كتبوا إليك هذه الكتب، وقد أمرنا إن لقيناك لا نفارقك (5) حتى نأتي بك على الأمير، فتبسم الحسين ثم قال: يا بن الحر! أو تعلم أن الموت أدنى [إليك] (6) من ذلك. ثم التفت الحسين فقال: احملوا النساء ليركبوا حتى تنظر ما الذي يصنع هذا وأصحابه! قال:
فركب أصحاب الحسين وساقوا النساء بين أيديهم، فقدمت خيل الكوفة حتى حالت بينهم وبين المسير، فضرب الحسين بيده إلى سيفه ثم صاح بالحر: ثكلتك أمك!
ما الذي تريد أن تصنع؟ فقال الحر: أما والله لو قالها غيرك من العرب لرددتها عليه كائنا من كان، ولكن لا والله ما [لي] (7) إلى ذلك سبيل من ذكر أمك، غير أنه لا بد