أن أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد، فقال له الحسين: إذا والله لا أتبعك (1) أو تذهب نفسي. قال الحر: إذا والله لا أفارقك (2) أو تذهب نفسي وأنفس أصحابي.
قال الحسين: برز أصحابي وأصحابك وأبرز إلي، فإن قتلتني خذ برأسي إلى ابن زياد، وإن قتلتك أرحت الخلق منك، فقال الحر: أبا عبد الله! إني لم أومر بقتلك (3)، وإنما أمرت أن لا أفارقك أو أقدم بك على ابن زياد، وأنا والله كاره إن سلبني الله بشيء من أمرك غير أني قد أخذت ببيعة القوم وخرجت إليك، وأنا أعلم أنه لا يوافي (4) القيامة أحد من هذه الأمة إلا وهو يرجو شفاعة جدك محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا خائف إن أنا قاتلتك أن أخسر الدنيا والآخرة، ولكن أنا أبا عبد الله! لست أقدر الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا، ولكن خذ عني هذا الطريق وامض حيث شئت (5) حتى أكتب إلى ابن زياد أن هذا خالفني في الطريق فلم أقدر عليه، وأنا أنشدك الله في نفسك (6)، فقال الحسين: يا حر! كأنك تخبرني أني مقتول! فقال الحر: أبا عبد الله! نعم ما أشك في ذلك إلا أن ترجع من حيث جئت. فقال الحسين: ما أدري ما أقول لك ولكني أقول كما قال أخو الأوس حيث يقول (7):
سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى خيرا وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مذموما وخالف مجرما أقدم نفسي لا أريد بقاءها * لتلقى خميسا في الوغاء عرمرما فإن عشت لم ألم وإن مت لم أذم * كفى بك ذلا أن تعيش مرغما ثم أقبل الحسين إلى أصحابه وقال: هل فيكم أخد يخبر الطريق على غير الجادة؟ فقال الطرماح بن عدي الطائي: يا بن بنت رسول الله! أنا أخبر الطريق.