فلما أصبح أقبل حتى دخل على عبيد الله بن زياد فقال: ما عندك يا عمر (1)؟
فقال: أيها الأمير؟ إنك قد وليتني هذا الأمر وكتبت لي هذا العهد وقد سمع به الناس (2) وفي الكوفة أشراف - وعدهم (2) -. فقال له عبيد الله بن زياد: أنا أعلم منك بأشرافها، وما أريد منك إلا أن تكشف هذه الغمة وأنت الحبيب القريب. وإلا أردد علينا عهدنا والزم منزلك فإنا لا نكرهك. قال: فسكت عمر (1)، فقال له ابن زياد: يا بن سعد! والله لئن لم تسر إلى الحسين وتطول حربه وتقدم علينا بما يسوءه لأضربن عنقك ولأنهبن أموالك. قال: فإني سائر إليه غدا إن شاء الله، فجزاه ابن زياد خيرا ووصله وأعطاه وحياه ودفع إليه أربعة آلاف فارس وقال له: سر حتى تنزل بالحسين بن علي وانظر أن لا تهنه ولا تقتله وخل بينه وبين الفرات أن يشرب. قال:
فسار عمر في أربعة آلاف فارس، وسار الحر في ألف فارس، فصار خمسة آلاف فارس.
قال: ثم دعا عمر بن سعد رجلا من أصحابه يقال له عروة بن قيس (3)، فقال له! امض يا هذا إلى الحسين فقل له: ما تصنع في هذا الموضع؟ وما الذي أخرجه عن مكة وقد كان مستوطنا بها؟ فقال عروة بن قيس: أيها الأمير! إني كنت اليوم أكاتب الحسين ويكاتبني وأنا أستحيي أن أسير إليه، فإن رأيت أن تبعث غيري فابعث. قال فبعث إليه رجلا يقال له فلان بن عبد الله السبيعي (4)، وكان فارسا بطلا شجاعا لا يرد وجهه عن شيء، فقال له عمر بن سعد: امض إلى الحسين فسله ما الذي أخرجه عن مكة وما يريد.
قال: فأقبل السبيعي نحو الحسين، ثم قال له الحسين (5) لما رآه: ضع سيفك حتى نكلمك! فقال: لا ولا كرامة لك، إنما أنا رسول عمر (6) بن سعد، فإن