أصحاب عمر بن سعد (1) بالحسين فقال: إنك لن تذوق من هذا الماء قطرة واحدة حتى تذوق الموت [غصة بعد غصة] أو تنزل على حكم أمير المؤمنين [يزيد] وحكم عبيد الله بن زياد.
قال: فاشتد العطش (2) من الحسين وأصحابه وكادوا أن يموتوا عطشا، فدعا بأخيه العباس رحمه الله وصير إليه ثلاثين (3) فارسا وعشرين (4) راجلا وبعث معهم عشرين قربة، فأقبلوا في جوف الليل حتى دنوا من الفرات، فقال عمرو بن الحجاج: من هذا؟ فقالوا: رجال من أصحاب الحسين يريدون الماء! فاقتتلوا على الماء قتالا عظيما فكان قوم يقتتلون وقوم يملأون القرب حتى ملأوها. فقتل من أصحاب عمرو جماعة ولم يقتل من أصحاب الحسين أحد. ثم رجع القوم إلى معسكرهم وشرب الحسين من القرب ومن كان معه.
قال: ثم أرسل الحسين رحمه الله إلى عمر بن سعد (5) إني أريد أن أكلمك فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك. قال: فخرج إلى عمر بن سعد في عشرين فارسا وأقبل الحسين في مثل ذلك، فلما التقيا أمر الحسين أصحابه فتنحوا عنه، وبقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبر رضي الله عنهم، وأمر عمر بن سعد أصحابه فتنحوا عنه، وبقي معه حفص وابنه وغلام له يقال له لاحق. (6) فقال له الحسين رضي الله عنه: ويحك يا بن سعد! أما تتقي الله الذي إليه معادك أن تقاتلني؟ وأنا ابن من! علمت يا هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاترك هؤلاء وكن معي فإني أقربك إلى الله عز وجل! فقال له عمر بن سعد: أبا عبد الله! أخاف أن تهدم داري، فقال له