زياد إلى الحسين: أما بعد يا حسين! فقد بلغني نزولك بكربلاء، وقد كتب إلي أمير المؤمنين يزيد بن معاوية أن لا أتوسد الوثير ولا أشبع من الخبز، أو ألحقك باللطيف الخبير أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد بن معاوية - والسلام -.
فلما ورد الكتاب قرأه الحسين ثم رمى به ثم قال: لا أفلح قوم آثروا مرضاة أنفسهم على مرضاة الخالق. فقال له الرسول: أبا عبد الله! جواب الكتاب؟ قال:
ما له عندي جواب، لأنه قد حقت عليه كلمة العذاب.
فقال الرسول لابن زياد ذلك، فغضب من ذلك أشد الغضب، ثم جمع أصحابه وقال: أيها الناس! من منكم تولى قتال الحسين بن علي ولي ولاية أي بلد شاء! فلم يجبه أحد بشيء. قال: فالتفت إلى عمر (1) بن سعد بن أبي وقاص، وقد كان عمر (2) بن سعد قبل ذلك بأيام قد عقد له عبيد الله بن زياد عقدا وولاه الري ودستبي (2) وأمره بحرب الديلم، فأراد أن يخرج إليها، فلما كان ذلك اليوم أقبل عليه ابن زياد فقال: أريد أن تخرج إلى قتال الحسين بن علي، فإذا نحن فرغنا من شغله سرت إلى عملك إن شاء الله. فقال له عمر (1): أيها الأمير! إن أردت أن تعفيني من قتال الحسين بن علي فافعل! فقال: قد عفيتك فاردد إلينا عهدنا الذي كتبناه لك (2) واجلس في منزلك نبعث غيرك، فقال له عمر (1): أمهلني اليوم حتى أنظر في أمري! قال: قد أمهلتك.
فانصرف عمر (1) إلى منزله وجعل يستشير بعض إخوانه ومن يثق به، فلم يشر عليه أحد بشيء غير أنه يقول له: اتق (4) الله ولا تفعل. قال: وأقبل عليه حمزة بن المغيرة بن شعبة وهو ابن أخته فقال: أنشدك الله يا خال أن تسير إلى الحسين بن علي فإنك تأثم بربك وتقطع رحمك، وما لك ولسلطان الأرض، اتق (5) الله أن تتقدم يوم القيامة بدم الحسين ابن فاطمة. قال: فسكت عمر (1) وفي قلبه من الري (6).