كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٥٢
الحرام عاصية؟ قولي نعم (١)! قال: ثم أقبل عبد الله بن عضأة على ابن الزبير فقال له: ما لي لا أرى الحمامة تنطق بشيء وأنت الناطق بجميع ما كلمتها فيه على المنبر، أما والله يا بن الزبير! إني خائف عليك وأقسم بالله قسما صادقا لتبايعن يزيد طائعا أو كارها أو لتعرفني في هذه البطحاء وفي يدي راية الأشعريين. قال: فقال له المختار بن أبي عبيد: أما والله يا بن عضأة! لئن أنت رمت ذلك وأردت بصاحب هذا البيت سوءا ليدمرن الله عليك وعلى صاحبك يزيد كما دمر على أصحاب الفيل إذ راموه فجعل كيدهم في تضليل (٢)، فإن شئت فرم ذلك! فقال له عبد الله بن عضأة:
يا بن أبي عبيد! أما! إن عبيد الله بن زياد قد كان حازم الرأي في حبسك بالكوفة، ولو ضرب عنقك لأصاب الرأي، ولكن لا جزى الله صهرك عبد الله بن عمر خيرا (٣). قال ابن أبي عبيد: والله ما كان أبوه أمير المؤمنين، وقد قتل وسفك دماء المؤمنين، وقد قتل ابن بنت نبي رب العالمين. قال: وارتفعت الأصواب بين عبد الله بن عضأة وبين المختار، فأقسم عبد الله بن الزبير على المختار أن يسكت، فسكت، ثم أقبل على عبد الله بن عضأة فقال: يا هذا! أتستحل في البيت الحرام وقد أخبر الله تعالى في كتابه ﴿ومن دخله كان آمنا﴾ (4)؟ فقال ابن العضأة: إنما يستحل الحرام من حل فيه وخلع الطاعة وفارق الجماعة. قال: وكثر الكلام بين القوم (5) ولم يجبهم ابن الزبير إلى ما يريدون، فانصرفوا عنه، حتى إذا صاروا إلى يزيد فخبروه بذلك، فأمهله يزيد وجعل يتأنى في أمره ويقول لأصحابه: ويحكم!
إني قتلت بالأمس الحسين بن علي وأقتل اليوم عبد الله بن الزبير! أخاف أن تشعث

(١) في الأخبار الطوال: ثم قال: يا حمامة، أ تعصين أمير المؤمنين؟ والتفت إلى ابن الزبير، وقال: أما أنها لو قالت نعم، لقتلتها.
(٢) الأصل: تظليل.
(٣) وكان عبد الله بن عمر، كتب إلى يزيد يطلب إليه التدخل لدى عبيد الله بن زياد لتخلية سبيله، وقد مر ذلك قريبا.
(٤) سورة آل عمران ٩٧.
(٥) زيد في الأخبار الطوال ص ٢٦٣ - 264 أن ابن الزبير خلا بنعمان بن بشير فقال: أنشدك الله، أنا أفضل عندك أم يزيد؟ فقال: بل أنت. فقال: فو الذي خير أم والده؟ قال: بل والدك. قال: فأمي خير أم أمه؟ قال: بل أمك. قال: فخالتي خير أم خالته؟ قال: بل خالك. قال: فعمتي خير أم عمته؟ قال: بل عمتك، أبوك الزبير وأمك أسماء بنت أبي بكر وخالتك عائشة وخالتك خديجة بنت خويلد.
قال: أ فتشير علي بمبايعة يزيد. قال النعمان: أما إذا إستشرتني فلا أرى لك ذلك.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169