كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٤٩
من يخرج عنك، فإذا أظهرك الله على يزيد بن معاوية فاستخلفني على أجل أعمالك (1) فأنتفع وأرد على أهل بيتي شيئا. فقال له ابن الزبير: أنا أبايعك على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال المختار: لا والله لا أبايعك إلا على هذه الخصال! قال: فسكت ابن الزبير، فقال له العباس: اشتر منه دينه حتى ترى من رأيك! قال ابن الزبير: أبا إسحاق! فإني أبايعك على ما ذكرت، قال: ثم بسط يده فبايعه المختار وأتى إلى منزله.
قال: فجعل الناس يبايعون عبد الله بن الزبير، حتى بايعه خلق كثير من أهل الحجاز وغيرهم من أهل الأمصار، ويزيد بن معاوية لا يعلم بشيء من ذلك. حتى إذا علم ابن الزبير أنه قد قوي ظهره بهؤلاء الخلق قد بايعوه أظهر عيب يزيد سرا وجهرا وجعل يلعنه ويقول فيه وفي بني أمية كل ما قدر عليه من الكلام القبيح، ثم إنه كان يصعد المنبر فيقول: أيها الناس! إنكم قد علمتم ما سارت به فيكم بنو أمية من نبذ الكتاب والسنة، وما سار به معاوية بن أبي سفيان إنه تأمر على هذه الأمة بغير رضا، وادعى زياد بن أبيه ردا منه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " الولد للفراش وللعاهر الحجر "، فادعى معاوية زيادا وزعم أنه أخوه، وقتل حجر بن عدي الكندي ومن معه من المسلمين، ثم إنه أخذ البيعة لابنه يزيد في حياته، ونقض ما كان في عنقه من بيعة الحسين بن علي رضي الله عنهما، ثم هذا يزيد بن معاوية قد علمتم ما فعل بالحسين وإخوته وأولاده وبني عمه، قتلهم كلهم وأسر من بقي منهم وحلمهم إلى الشام على محامل ليس لهم وطأ ولا راعى فيهم حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مشغول بلعب الفهود والقرود، وشرب الخمر والمعاصي والفجور، فاتقوا الله عباد الله! فقد علمتم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما ولي أمر هذه الأمة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم خطب وقال في خطبته: أيها الناس! أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم. مع كلام كثير كان له ولعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولست أذكر أحدا من الخلفاء الراشدين إلا أخبر عن أني أنهاكم عن طاعة من عصى الله وتعدى مرة. قال: فكان الناس يجتمعون إليه ويقولون بقوله حتى فشا ذلك في الناس. قال: وبلغ ذلك يزيد فلم تحمله الأرض غيظا.

(1) الطبري: وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169