كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٦٣
بعلي بن الحسين بن يديه (1) وهؤلاء أقاربه يصيحون، فقال: أعلموه أنه لا بأس عليه! قال: فلما أتي بعلي بن الحسين وثب مسلم بن عقبة فصافحه وقبل بين عينيه وأقعده معه على سريره، ثم قال له: لا بأس عليك وأمير المؤمنين يزيد بن معاوية يقرأ عليك السلام ويقول لك: لا تلمني على حبس عطائي لك، إنما (2) شغلني عنك عبد الله بن الزبير وأنا موجه إليك بعطائك موفرا. قال: ثم أمر له مسلم بن عقبة بألف درهم، وقال: احملوه إلى منزله.
و لم يزل مسلم بن عقبة يفعل بأهل المدينة ما فعل ثلاثة أيام ولياليهن، ثم خرج يوم الربع منها وقد انتهب وأغار وقتل من قتل وفعل ما فعل، وخرج يريد مكة (3) إلى عبد الله بن الزبير حتى إذا صار إلى بعض الطريق أدركته الوفاة (4)، فدعا بالجند والمقاتلة الذين كانوا معه. ثم دعا الحصين بن نمير السكوني فأقعده بين يديه ثم أقبل إليه فقال: اسمع مني ما أقول لك يا بن برذعة الحمار! إني قد وليتك هذا الجيش، ولو كان الأمر إلي ما فعلت، غير أن أمير المؤمنين أمرني بذلك وأنا ميت لا محالة (5)، فانظر أن تفعل في أهل مكة وفي عبد الله بن الزبير كما رأيتني فعلت بأهل المدينة. ثم جعل يقول: اللهم! إنك تعلم أني لم أعص خليفة قط، اللهم!
[إني] لا أعلم (6) عملا أرجو به النجاة إلا ما فعلت بأهل المدينة. ثم اشتد به الأمر فمات، فغسلوه وكفنوه ودفنوه، وبايع الناس للحصين بن نمير السكوني من بعده، وسار القوم يريدون مكة، وخرج أهل ذلك المنزل فنبشوه من قبره وصلبوه على نخلة (7). قال: وبلغ ذلك أهل العسكر فرجعوا إلى أهل ذلك المنزل فوضعوا السيف فيهم، فقتل (8) منهم من قتل وهرب الباقون، ثم أنزلوه من النخلة فدفنوه ثم أجلسوا

(١) جاء يمشي بين مروان بن الحكم وابنه عبد الملك حتى جلس بينهما عند مسلم (ابن الأثير).
(٢) في الطبري ٥ / ٤٩٣: إن هؤلاء الخبثاء شغلوني عنك وعن وصلتك.
(٣) خلف على المدينة روح بن زنباع الجذامي (طبري).
(٤) في قفا المشلل وذلك في آخر المحرم سنة ٦٤ ه‍. وكانت إصابته بالذبحة كما في الأخبار الطوال ص ٢٦٧.
(٥) زيد في الأخبار الطوال ص ٢٦٧ لأن من شأن اليمانية الرقة، غير أني لا أعصى أمير المؤمنين.
(6) في الطبري 5 / 497: إني لم أعمل عملا قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أحب إلي من قتل أهل المدينة.
(7) في الإمامة والسياسة 1 / 242 أتته أم ولد ليزيد بن عبد الله بن زمعة... فببشت عنه.... فصلبته على المشلل.
(8) بالأصل: فقتلوا.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169