كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٥١
وعنده يومئذ المختار بن أبي عبيد وعبد الله بن مطيع العدوي والعباس بن سهل الأنصاري ووجوه أولاد المهاجرين والأنصار، قال: فسلموا عليه، فرد عليهم السلام ورحب بهم وقربهم وأدناهم ثم سألهم عن حالهم وأمرهم، فأدوا إليه رسالة يزيد، فقال عبد الله بن الزبير: وما الذي يريد مني يزيد بن معاوية؟ إنما أنا رجل مجاور لهذا البيت عائذ به من شر يزيد بن معاوية وغير يزيد، فإن تركني فيه وإلا انتقلت عنه إلى بلد غيره، وكنت فيه إلى أن يأتيني الموت. قال: ثم أمر لهم بمنزل، فصاروا إليه يومهم ذلك وأمر لهم بما يصلحهم.
فلما كان من الغد خرج فصلى بأصحابه الفجر، ثم أقبل فجلس في الحجر، واجتمع إليه أصحابه، وأقبل إليه هؤلاء الوفد الذين قدموا عليه من عند يزيد وتكلموا كلاما يرجون به اتباعه ليزيد وطاعته له. قال: فأقبل إليه النعمان بن بشير فقال:
بلغ (1) يزيد عنك أنك تصعد المنبر فتذكره وتذكر أباه معاوية بكل قبيح، وأنت تعلم أنه إمام وقد بايعه الناس، ولا نحب لك أن تخرج يدك من الطاعة وتفارق الجماعة، وبعد فإن الغيبة لا خير فيها. قال: فقطع عليه الكلام عبد الله بن الزبير، ثم قال:
يا بن بشير! إن الفاسق لا غيبة له، وما قلت فيه إلا ما قد علمه الناس منه، ولو كان على ما كان عليه الأئمة الأخيار سمعنا وأطعنا ولذكرناه بكل جميل، وبعد فإني أنا في هذا البيت بمنزلة حمامة من حمام مكة، أفتحل لكم أن تؤذوا حمام مكة؟ قال:
فغضب عبد الله بن عضأة الأشعري فقال: نعم والله يا بن الزبير (2)! نؤذي حمام مكة ونقتل حمام مكة، وما حرمة حمام مكة يا بن الزبير! أ تصعد المنبر وتتكلم في أمير المؤمنين بكل قبيح ثم تشبه نفسك بحمام مكة؟ ثم قال: يا غلام! ائتني بقوسي وسهم! قال: فأتي بقوسه وسهامه. فأخذ سهما فوضعه في كبد قوس (3) ثم سدده نحو حمام مكة وقال: يا حمامة! أيشرب أمير المؤمنين ويفجر؟ قولي نعم! أما والله لو قلت: نعم، لما أخطأك سهمي هذا، يا حمامة! أيلعب أمير المؤمنين بالقرود والفهود ويفسق في الدين؟ قولي: نعم! أما والله لئن قلت: نعم، لا أخطأك سهمي هذا، يا حمامة! فتقتلين أم تخلعين الطاعة وتفارقين الجماعة وتقيمين في

(١) في الأصل: بلغه.
(٢) في الأخبار الطوال ص ٢٦٣ وكان ابن الزبير قال لابن عضأة: أتستحل قتالي في هذا الحرم؟ قال:
نعم إن أنت لم تجب إلى طاعة أمير المؤمنين.
(٣) في الأخبار الطوال: وفوق فيها سهما، فبوأه نحو الحمامة.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169