كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٤٨
قال: فما كان بأسرع من أن قدم المختار من الطائف بعد ذلك بثلاثة أيام، فأقبل نحو البيت الحرام، وعبد الله بن الزبير ينظر إليه وعنده نفر من أصحابه حتى دنا المختار من البيت واستلم الحجر الأسود ثم طاف فصلى ركعتين وجلس، فجاءه قوم من أهل مكة فسلموا عليه وجلسوا عنده. فقال عبد الله بن الزبير لأصحابه: إني لا أراه يصير إلينا! فقال العباس بن سهل الأنصاري: إن شئت أتيتك به أو بخبره! فقال ابن الزبير: نعم فافعل.
فأقبل العباس بن سهل إلى المختار وسأله عن أحواله وأحوال بني عمه بالطائف، ثم قال: يا أبا إسحاق ليس مثلك من يغيب عما اجتمع عليه أهل الشرف وبيوتات العرب! فقال المختار: وما ذلك؟ فقال العباس: إنه لم يبق حي من أحياء العرب إلا وقد جاء عميدهم وبايع هذا الرجل عبد الله بن الزبير، فعجبا لك ولرأيك ألا ما أتيته فأخذت بحظك من هذا الأمر! فقال المختار: والله يا أخا الأنصار! إني أتيته في العام الماضي وأشرت عليه بالرأي ودعوته إلى حظه فطوى أمره دوني (1)، ورأيته مستغنيا عني فأحببت أيضا أن رآني عنه مستغنيا، فو الله إنه لأحوج إلي مني إليه. فقال له العباس بن سهل: صدقت يا أبا إسحاق! قد كان ذلك، غير أنك كلمته وهو ظاهر في المسجد وهذا كلام لا يجب إلا والستور دونك مسدولة والأبواب دونك مغلقة، ولكن القه الليلة وأنا معك حتى تسمع كلامه ويسمع كلامك! فقال المختار: إني فاعل ذلك إن شاء الله إذا صلينا العشاء الآخرة. قال: فنهض الأنصاري من عنده إلى عبد الله بن الزبير فخبره بما كان منه.
فلما كان الليل وصليا العشاء الآخرة أقبل المختار ومعه العباس بن سهل الأنصاري حتى صار إلى ابن الزبير، قال: فمديده إلى المختار فصافحه ورحب به ثم سأله عن أقربائه وأهله بالطائف، فتحدثا ساعة، ثم أقبل عليه ابن الزبير وقال:
إنك كلمتني بهذا الكلام والناس حضور والحيطان لها (2) آذان وليس من أحد إلا وله عدو وصديق، وهذا وقت خلوة فهات الآن ما عندك! فقال المختار: إنه لا خير في الإكثار عن المنطق، ولا حظ في التقصير عن الحاجة، وأنت اليوم رجل قومك وقد جئتك أبايعك على أنه لا تقضي الأمور دوني وعلى أن أكون أول من تأذن له (3) وآخر

(1) الأصل والطبري، وفي ابن الأثير: فكتم عني خبره.
(2) بالأصل: والحيطان ليس لها آذان.
(3) عن الطبري وبالأصل: يأذنك عليك.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169