تذكر ما كان من البلاء عندك وقيامي بحقك وأخذي إياك من يد مروان بن الحكم، ولكن أنت قديم العداوة، وكنت تضرب وجهي بالسيف قال: ثم جاء بهم إلى مكة فحبسه.
فلما كان من الغد أقامه للناس ونادى: أيها الناس! أن أمير المؤمنين يقول لكم: من كانت له مظلمة عند عمرو بن الزبير فليحضر! قال: فكان يجيء الرجل من بعد الرجل فيقول: يا أمير المؤمنين! إن هذا شتمني، فيقول: اشتمه! ويقول آخر: إن هذا ضربني، فيقول: اضربه! حتى جاء مصعب (1) بن عبد الرحمن بن عوف فقال: يا أمير المؤمنين! إنه جلدني مائة سوط بلا ذنب كان من إلا لميلي إليك، قال: فأمر به عبد الله بن الزبير فجرد من ثيابه، وأمر مصعبا (2) أن يجلده، فجلده مصعب بيده مائة سوط، ثم أمر به عبد الله بن الزبير، فحبس (3) ولم يداو (4) فمات.
ثم قال: أتدرون لم عملت بعمرو بن الزبير هذا؟ فقالوا: لا يا أمير المؤمنين! قال: إنه صار إلى معاوية زائرا، فكتب له بمائة ألف درهم، ففتح الكتاب وضاعفها مائة ألف أخرى، فدفع إليه ذلك المبلغ زياد - مائتي ألف درهم -، فلما دفع إليه زياد حسابه، قال معاوية: ما أمرت لعمرو بن الزبير إلا بمائة ألف درهم، وعلم معاوية أنه هو الذي عمل في الكتاب الزيادة، فكتب إلى مروان بن الحكم وهو عامله بالمدينة أن يأخذ من عمرو بن الزبير مائة ألف درهم، فصرت أنا إلى مروان وضمنت له المائة ألف، فأخذه مروان فحبسه فأخرجته، وهذا جزائي منه أن يخرج علي ليضرب وجهي بالسيف، قال: فلم يعذر عبد الله بن الزبير في هذا.