كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٢٥
الظالمون، وأنا أشهد أن من رغب عن مجاورتك وطمع في محاربتك ومحاربة نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم فماله من خلاق. فقال الحسين: اللهم اشهد! فقال ابن عباس: جعلت فداك يا بن بنت رسول الله! كأنك تريدني إلى نفسك وتريد مني أن أنصرك! والله الذي لا إله إلا هو أن لو ضربت بين يديك سيفي هذا حتى انخلع جميعا من كفي لما كنت ممن أوفي من حقك عشر العشر! وها أنا بين يديك مرني بأمرك. فقال ابن عمر: مهلا ذرنا من هذا يا بن عباس.
قال: ثم أقبل ابن عمر على الحسين فقال: أبا عبد الله! مهلا عما قد عزمت عليه وارجع من هنا إلى المدينة وادخل في صلح القوم ولا تغب عن وطنك وحرم جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم على نفسك حجة وسبيلا، وإن أحببت أن لا تبايع فأنت متروك حتى ترى برأيك فإن يزيد بن معاوية - لعنه الله - عسى أن لا يعيش إلا قليلا فيكفيك الله أمره. فقال الحسين: أف لهذا الكلام أبدا ما دامت السماوات والأرض! أسألك بالله يا عبد الله أنا عندك على خطأ من أمري هذا؟ فإن كنت عندك على خطأ فردني فإني أخضع وأسمع وأطيع، فقال ابن عمر: اللهم لا ولم يكن الله تعالى يجعل ابن بنت رسوله على خطأ، وليس مثلك من طهارته وصفوته من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على مثل يزيد بن معاوية - لعنه الله - باسم الخلافة، ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف وترى من هذه الأمة ما لا تحب، فارجع معنا إلى المدينة وإن لم تحب أن تبايع فلا تبايع أبدا واقعد في منزلك. فقال الحسين: هيهات يا بن عمر! إن القوم لا يتركوني وإن أصابوني وإن لم يصيبوني فلا يزالون حتى أبايع وأنا كاره أو يقتلوني، أما تعلم يا (1) عبد الله! أن من هوان هذه الدنيا على الله تعالى أنه أتي برأس يحيى بن زكريا عليه السلام إلى بغية من بغايا (2) بني إسرائيل والرأس ينطق بالحجة عليهم؟ أما تعلم أبا عبد الرحمن! أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (3) سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلهم كأنهم لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم، ثم أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر، اتق الله أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي واذكرني في صلاتك، فو الذي بعث جدي

(1) بالأصل " يا أبا عبد الله ".
(2) بالأصل " بقية من بقايا " وما أثبتناه عن المقتل لأبي مخنف.
(3) بالأصل " طلوع الشمس إلى الغروب " وما أثبتناه عن المقتل.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169