آمن أن يميل الناس إليه لمكان هذه (1) الصفراء والبيضاء فيقتلونك (2) ويهلك فيك بشر كثير، فإني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: " حسين مقتول، ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه ليخذل هم الله إلى يوم القيامة! " وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس، واصبر كما صبرت لمعاوية من قبل، فلعل الله أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين. فقال له الحسين: أبا عبد الرحمن! أنا أبايع يزيد وأدخل في صلحه وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه وفي أبيه ما قال؟ فقال ابن عباس: صدقت أبا عبد الله! قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته: " ما لي وليزيد لا بارك الله في يزيد! وإنه يقتل ولدي وولد ابنتي الحسين رضي الله عنه، والذي نفسي بيده! لا يقتل ولدي بين ظهراني (3) قوم فلا يمنعونه إلا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم! ثم بكى ابن عباس و بكى معه الحسين وقال: يا بن عباس! تعلم أني ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فقال ابن عباس: اللهم نعم نعلم ونعرف أن ما في الدنيا أحد هو ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله) غيرك، وأن نصرك لفرض على هذه الأمة كفريضة الصلاة والزكاة التي لا يقدر أن يقبل أحدهما دون الأخرى. قال الحسين: يا بن عباس! فما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من داره وقراره ومولده وحرم رسوله ومجاورة قبره ومولده ومسجده وموضع مهاجره، فتركوه خائفا مرعوبا لا يستقر في قرار ولا يأوي في موطن، يريدون في ذلك قتله وسفك دمه وهو لم يشرك بالله شيئا ولا اتخذ من دونه وليا، ولم يتغير عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء من بعده؟ فقال ابن عباس: ما أقول فيهم [إلا] (4) (انهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) (5) (يرآءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) (6) وعلى مثل هؤلاء تنزل (7) البطشة الكبرى، وأما أنت يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنك رأس الفخار برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن نظيره البتول، فلا تظن يا بن بنت رسول الله أن الله غافل عما يعمل
(٢٤)