وأهله! فقال عمر بن سعد: إنا قد أجلنا هم (1) في يومنا هذا. قال: فنادى رجل من أصحاب عمر: يا شيعة الحسين بن علي! قد أجلناكم (2) يومكم هذا إلى غد فإن استسلمتم ونزلتم على حكم الأمير وجهنا بكم إليه، وإن أبيتم ناجزناكم (3). قال:
فانصرف الفريقان بعضهم من بعض.
قال: وجاء الليل فبات الحسين في الليل ساجدا راكعا مستغفرا يدعو الله تعالى، له دوي كدوي النحل، قال: وأقبل الشمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - في نصف الليل ومعه جماعة من أصحابه حتى تقارب من عسكر الحسين، والحسين قد رفع صوته وهو يتلو هذه الآية (ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم...) (4) - إلى آخرها. قال: فصاح لعين (5) من أصحاب شمر بن ذي الجوشن: نحن ورب الكعبة الطيبون، وأنتم الخبيثون وقد ميزنا منكم. قال: فقطع برير الصلاة فناداه: يا فاسق! يا فاجر! يا عدو الله! أمثلك يكون من الطيبين! ما أنت إلا بهيمة ولا تعقل، فأبشر بالنار يوم القيامة والعذاب الأليم. قال: فصاح بن شمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - وقال: أيها المتكلم! إن الله تبارك وتعالى قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب!
فقال له برير: يا عدو الله! أبالموت تخوفني، والله إن الموت أحب إلينا من الحياة معكم! والله لا ينال شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قوم أراقوا دماء ذريته وأهل بيته. قال: وأقبل رجل من أصحاب الحسين إلى برير بن حضير فقال له: رحمك الله يا برير! إن أبا عبد الله يقول لك: ارجع إلى موضعك ولا تخاطب القوم، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت وأبلغت في النصح.
فلما كان وقت السحر خفق الحسين رأسه خفقة ثم استيقظ فقال: أتعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟ قالوا: وما الذي رأيت يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال:
رأيت كأن كلابا قد شدت علي تناشبني، وفيها كلب أبقع رأيته أشدها علي، وأظن الذي يتولى قتلي رجل أبقع وأبرص من هؤلاء القوم، ثم إني رأيت بعد ذلك جدي