كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٩٩
وأهله! فقال عمر بن سعد: إنا قد أجلنا هم (1) في يومنا هذا. قال: فنادى رجل من أصحاب عمر: يا شيعة الحسين بن علي! قد أجلناكم (2) يومكم هذا إلى غد فإن استسلمتم ونزلتم على حكم الأمير وجهنا بكم إليه، وإن أبيتم ناجزناكم (3). قال:
فانصرف الفريقان بعضهم من بعض.
قال: وجاء الليل فبات الحسين في الليل ساجدا راكعا مستغفرا يدعو الله تعالى، له دوي كدوي النحل، قال: وأقبل الشمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - في نصف الليل ومعه جماعة من أصحابه حتى تقارب من عسكر الحسين، والحسين قد رفع صوته وهو يتلو هذه الآية (ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم...) (4) - إلى آخرها. قال: فصاح لعين (5) من أصحاب شمر بن ذي الجوشن: نحن ورب الكعبة الطيبون، وأنتم الخبيثون وقد ميزنا منكم. قال: فقطع برير الصلاة فناداه: يا فاسق! يا فاجر! يا عدو الله! أمثلك يكون من الطيبين! ما أنت إلا بهيمة ولا تعقل، فأبشر بالنار يوم القيامة والعذاب الأليم. قال: فصاح بن شمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - وقال: أيها المتكلم! إن الله تبارك وتعالى قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب!
فقال له برير: يا عدو الله! أبالموت تخوفني، والله إن الموت أحب إلينا من الحياة معكم! والله لا ينال شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قوم أراقوا دماء ذريته وأهل بيته. قال: وأقبل رجل من أصحاب الحسين إلى برير بن حضير فقال له: رحمك الله يا برير! إن أبا عبد الله يقول لك: ارجع إلى موضعك ولا تخاطب القوم، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت وأبلغت في النصح.
فلما كان وقت السحر خفق الحسين رأسه خفقة ثم استيقظ فقال: أتعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟ قالوا: وما الذي رأيت يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال:
رأيت كأن كلابا قد شدت علي تناشبني، وفيها كلب أبقع رأيته أشدها علي، وأظن الذي يتولى قتلي رجل أبقع وأبرص من هؤلاء القوم، ثم إني رأيت بعد ذلك جدي

(1) الأصل: أحللنا هم.
(2) عن الطبري، وبالأصل: أحللنا كم.
(3) الطبري: فلسنا تاركيكم.
(4) سورة آل عمران الآية 178.
(5) هو أبو حرب السبيعي عبد الله بن شهر، وكان مضحاكا بطالا، وكان شريفا شجاعا فاتكا كما في الطبري 5 / 421.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169