الحسين: من هذا الرجل؟ فقالوا: هذا مالك بن حوزة (1)! فقال الحسين: اللهم!
حزه إلى النار، وأذقه حرها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة! قال: فلم يكن بأسرع أن شبث به الفرس فألقته في النار، فاحترق (2). قال: فخر الحسين لله ساجدا مطيعا، ثم رفع رأسه وقال: يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها! قال: ثم رفع الحسين صوته ونادى: اللهم! إنا أهل نبيك وذريته وقرابته، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا، إنك سميع مجيب.
قال: وإذا المنادي ينادي من عسكر عمر: يا جند الله اركبوا (3)! قال: فركب الناس وساروا نحو معسكر الحسين، والحسين في وقته ذلك جالس قد خفق رأسه (4) على ركبتيه، وسمعت أخته زينب رضي الله عنها الصيحة والضجة، فدنت من أخيها وحركته فقالت: يا أخي! ألا تسمع الأصوات قد اقتربت منا؟ قال: فرفع الحسين رأسه وقال: يا أختاه! إني رأيت جدي في المنام وأبي عليا وفاطمة أمي وأخي الحسن عليهم السلام فقالوا: يا حسين! إنك رائح (5) إلينا عن قريب، وقد والله يا أختاه دنا الأمر في ذلك، لا شك قال: فلطمت زينب وجهها وصاحت [وأخيبتاه]، فقال الحسين: مهلا! اسكتي ولا تصيحي فتشمت بنا الأعداء.
ثم أقبل الحسين على أخيه العباس فقال: يا أخي اركب وتقدم إلى هؤلاء القوم وسلهم عن حالهم (6) وارجع إلي بالخبر. قال: فركب العباس في إخوته رضي الله عنهم ومعه أيضا عشرة فوارس (7) حتى دنا من القوم ثم قال: ما شأنكم وما تريدون؟ فقالوا: نريد أنه قد جاء الأمر من عند عبيد الله بن زياد يأمرنا أن نعرض عليكم أن تنزلوا على أمر عبيد الله بن زياد أو نلحقكم بمن سلف (8). فقال لهم العباس: لا تعجلوا حتى رجع إلى الحسين فأخبره بذلك (9). قال: فوقف القوم في