مواضعهم، ورجع العباس إلى الحسين فأخبره بذلك، فأطرق الحسين ساعة، والعباس واقف بين يديه، وأصحاب الحسين يخاطبون أصحاب عمر (1) بن سعد، فقال لهم حبيب بن مظاهر (2): أما والله لبئس القوم يقدمون غدا على الله عز وجل وعلى رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد قتلوا ذريته وأهل بيته المجتهدين (3) بالأسحار الذاكرين الله كثيرا بالليل والنهار وشيعته الأتقياء الأبرار. قال: فقال رجل من أصحاب عمر يقال له عروة (4) بن قيس: يا بن مظاهر! إنك لتزكي نفسك ما استطعت، فقال له زهير: اتق (5) الله يا بن قيس! ولا تكن من الذين يعينون على الضلال ويقتلون النفوس الزكية الطاهرة عترة خير الأنبياء. فقال له عزرة (6) بن قيس: إنك لم تكن عندنا من شيعة أهل البيت إنما كنت عثمانيا نعرفك (7). هؤلاء في المخاطبة والحسين مفكر في أمر نفسه وأمر الحرب والعباس واقف في حضرته.
قال: وأقبل العباس على القوم وهم وقوف فقال: يا هؤلاء! إن أبا عبد الله يسألكم الانصراف عنه (8) في هذا اليوم حتى ينظر في هذا الأمر، ثم يلقاكم غدا إن شاء الله تعالى. قال: فخبر القوم بهذا أميرهم عمر (9) بن سعد: فقال للشمر بن ذي الجوشن: ما ترى من الرأي؟ فقال: أرى رأيك أيها الأمير! فقال عمر: إنني أحببت أن لا أكون أميرا، قال: ثم إني أكرهت (10). قال: وأقبل عمر على أصحابه (11) فقال: ما الذي عندكم في هذا الرأي؟ فقال رجل من أصحابه يقال له عمرو بن الحجاج: سبحان الله العظيم! لو كانوا من الترك والديلم وسألوا (12) هذه المنزلة لقد كان حقا علينا [أن] نجيبهم إلى ذلك وكيف وهم آل الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم