كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي: يا بني! أنت شهيد آل محمد! وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفح الأعلى، فليكن إفطارك عندي الليلة، عجل ولا تؤخر! فهذا أثرك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء، وهذا ما رأيت وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا، لا شك في ذلك.
قال: وأصبح الحسين وصلى بأصحابه، ثم قرب إليه فرسه، فاستوى عليه وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه، وبين يديه برير بن حضير (1) الهمداني، فقال له الحسين: كلم القوم يا برير واحتج عليهم! قال: فتقدم برير حتى وقف قريبا من القوم والقوم على بكرة قد زحفوا إليهم فقال لهم برير: يا هؤلاء! [اتقوا الله، فإن نسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد أصبح بين أظهركم، وهؤلاء] ذريته وعترته وبناته وحريمه، فهاتوا ما الذي عندكم وما تريدون أن تصنعوا بهم! فقالوا: نريد أن نمكن منهم الأمير عبيد الله بن زياد فيرى رأيه فيهم. فقال برير بن حضير: ولا تقبلون منهم إن رجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه يا أهل الكوفة؟ أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم الذي أعطيتموها من أنفسكم؟ وأشهدتم الله عليها وكفى بالله شهيدا، يا ويلكم! دعوتم (2) أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتى إذا أتوا عليكم أسلمتموهم إلى عبيد الله بن زياد وحلتم (3) بينهم وبين الماء الجاري! وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس، وترده (4) الكلاب والخنازير، فبئس ما خلفتم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في ذريته، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة (5)! ويلكم هذا الحسن والحسين سيدا أهل الجنة من الأولين والآخرين (6).
قال: وتقدم عمر بن سعد حتى وقف قبالة الحسين على فرس له، فاستخرج سهما فوضعه في كبد القوس ثم قال: أيها الناس! اشهدوا لي عند الأمير عبيد الله بن زياد أني أول من رمى بسهم إلى عسكر الحسين بن علي! قال: فوقع السهم بين

(1) بالأصل " الحصين " وقد مر.
(2) بالأصل: ادعيتم.
(3) في الطبري: 5 / 428: وحلأتموه ونساءه وأصيبيته وأصحابه عن ماء الفرات.
(4) الطبري: وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه.
(5) في الطبري: يوم الظمأ، إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه.
(6) وردت القصة في الطبري 5 / 428 ونسبها للحر بن يزيد، أحد أصحاب الحسين بن علي (رض).
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169