الحال عندئذ خيبة الآمال في منصب الخلافة.
وربما اعتقدوا أن رسول الله انما أراد اخراجهم ليخلي الجو لوصيه وخليفته وابن عمه الذي آخاه كي لا يكون له منازع ورادع، ولذا في كل يوم ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسأل عن جيش أسامة وقد حرضه من قبل بالاسراع قبل وصول الخبر للأعداء واتخاذ الحيطة ولكن هيهات وقد اتخذوا من مرض رسول الله ذريعة لبطئهم وحرضوا نفس قائدهم أسامة بهذه الذريعة حتى جاء وتكلم مع رسول الله فأمره بالخروج والاسراع ولعن من تخلف عن جيش أسامة. ولكن هيهات فالشباك منصوبة وبيت رسول الله تحت رقابة شديدة من عائشة وحفصة من أمهات المؤمنين ومن والاهن وهما تجدان ان مرض رسول الله يشتد ساعة بعد ساعة فتوعزان إلى أبويهما بالإبطاء والتأخر وعدم السير حتى تحقق لرسول الله عدم سفرهم ولعن المتخلفين وهم مجموعون عنده دعا بقلم وقرطاس بعد أن تأكد من نواياهم طلب ذلك وهو في هذه المرة يهم ان يضرب ضربته القاصمة على آمالهم بيد أنه سرعان ما نطق عمر بأعظم كلمة يمكن ان يصم بها رسول الله وهو حي وأعظم كلمة أعلنت نيتهم بما يخفون ويكنون ألا وهي " إن الرجل ليهجر " (1) وعندنا كتاب الله.
الله أكبر وهل يهجر رسول الله ونسوا جميع الآيات القرآنية النازلة فيه أنه لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى. ونسوا الآيات الأخرى التي تأمرهم بأخذ ما آتاهم الرسول والانتهاء عما نهاهم عنه. ونسوا انه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتكلم ولا يأمر إلا بما أراد الله وهم يعلمون أنه انما يريد أن يدلي بعهده كتابة إلى علي (كما ابان ذلك عمر صراحة لابن عباس زمن خلافته وقال: لم تشأ قريش ان تكون فيكم النبوة والامارة).