فإن قالوا: نوجب ذلك عليه في الصلاة خاصة، قلنا: ليس هذا موجودا في الآية ولا في شئ من الأحاديث، فهو دعوى منكم بلا برهان، فإن من قال من غير الشافعي بقول إيجاب ذلك متى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة أو غيرها، قلنا: هذا لا يوجد في الآية ولا في الصحيح من الأخبار.
قال القرطبي في تفسيره: ولا خلاف أن الصلاة عليه فرض في العمر مرة، وفي كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة، التي لا يسع تركها، ولا يغفلها إلا من لا خير فيه.
ومنهم من قال: تجب في كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره، كما قال في آية السجدة، وتشميت العاطس، وكذلك في كل دعاء في أوله وفي آخره.
ومنهم من أوجبها في العمر مرة، وكذا قال في إظهار الشهادتين، والذي يقتضيه الاحتياط، الصلاة عليه كلما ذكر، كما ورد من الأخبار في ذلك.
وقال أبو جعفر الطحاوي وأبو عبد الله الحليمي: تجب الصلاة عليه كلما ذكر اسمه، وقال: ذلك مستحب، وليس بفرض يأثم تاركه، اختلفوا في ذلك، فقالت فرقة: تجب الصلاة عليه في العمر مرة واحدة، لأن الأمر لا يقتضي تكرارا، والماهية تحصل بمرة، وهذا لأنه يحكي عن أبي حنيفة ومالك وسفيان الثوري والأوزاعي.
وقال القاضي عياض - وهو قول جمهور الأمة -: وقالت فرقة: تجب في كل صلاة في تشهدها الأخير وهو قول الشافعي وأحمد في أحد الروايتين عنه.
قال ابن عبد البر: وقال الشافعي رحمه الله: إذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، بعد التشهد وقبل التسليم أعاد الصلاة، قال: وإن صلى عليه قبل ذلك لم يجز، هذا قول حكاه عنه حرملة، ولا يكاد يوجد عنه إلا من رواية حرملة، وغير حرملة إنما يروى عنه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض في كل صلاة، موضعها التشهد الآخر قبل التسليم، ولم يذكر إعادة فيمن وضعها قبل التشهد في الجلسة الأخرى، وأن أصحابه قد تقلدوا رواية حرملة، ومالوا إليها، وناظروا عليها.