ومن طريق الإمام أحمد قال: حدثني أبي (1)، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان المدائني، حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان المهدي، عن سلمان الفارسي - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال: استأذنت الحمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا الحمى أبرئ اللحم وأمص الدم، قال اذهبي إلى أهل قباء، فأتتهم وجوههم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصفرت وجوههم، فشكوا الحمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شئتم إن شئتم دعوت الله - عز وجل - فكشفها عنكم، وإن شئتم تركتموها، فأسقطت ذنوبكم، قالوا: بل ندعها يا رسول الله (2).
ومن حديث قرة بن حبيب الغنوي قال: حدثنا إياس بن أبي تميمة، عن عطاء بن أبي هريرة - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال: جاءت الحمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله ابعثني إلى أحب قومك، أو إلى أحب أصحابك إليك، شك قرة، فقال: اذهبي إلى الأنصار، قال: فذهبت فصبت عليهم فصرعتهم، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله: قد أتت الحمى علينا فادع الله لنا بالشفاء قال: فدعا لهم، فكشف عنهم، فاتبعته امرأة فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله [لي] إني لمن الأنصار، وإن أبي لمن الأنصار فادع الله لي كما دعوت لهم. فقال: أيما أحب إليك؟ أن أدعو لك فيكشف عنك أو تصبرين و [تجب] لك الجنة؟ قالت: لا - والله - يا رسول الله بل أصبر ثلاثا، ولا أجعل من الله بجنته خطرا أبدا، قال البيهقي: [والله تعالى أعلم] (3) يحتمل أن يكون هذا في قوم آخرين من الأنصار.
وخرجه البخاري في (الأدب المفرد) من حديث قرة به، ولفظه: عن أبي هريرة قال: جاءت الحمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ابعثني إلى آثر أهلك عندك، فبعثها إلى الأنصار فبقيت عليهم ستة أيام ولياليها فاشتد ذلك عليهم، فأتتهم في ديارهم، فشكوا ذلك إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يدخل دارا دارا، وبيتا بيتا