وخرج مسلم بعد حديث سفيان بن عيينة المفتتح به، وبعد ما دكر من حديث مالك، ومعمر عن الزهري حديث ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة صلى الله عليه وسلم قالت: ألا يعجبك أبو هريرة ؟ جاء، فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني، وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم (١).
قال ابن شهاب: وقال ابن المسيب: إن أبا هريرة قال: يقولون: أن أبا هريرة قد أكثر والله الموعد، ويقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يتحدثون بمثل أحاديثه، وسأحدثكم عن ذلك إن إخوانه من الأنصار كان يشغلهم عمل أرضهم، وإن أخوانه من المهاجرين، كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: أيكم يبسط ثوبه، فيأخذ مني حديثي هذا، ثم يجمعه إلى صدره، فإنه لن ينسى شيئا سمعه، فبسطت بردة علي حتى فرغ من حديثه، ثم جمعتها إلى صدري، فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به، ولولا آيتان أنزلهما الله - عز وجل - في كتابه ما حدثت شيئا أبدا ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى﴾ (2) إلى آخر الآيتين (3).