والصلاة الخاصة: صلاته - تعالى - على أنبيائه ورسله، خصوصا على خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، اختلف في معناها. فقيل: إنها رحمته - تعالى -.
روى إسماعيل بن إسحاق من طريق جويبر عن الضحاك قال: صلاة الله - تعالى - رحمته وصلاة الملائكة الدعاء، وقال المبرد: أصل الصلاة الرحمة فهي من الله - تعالى - رحمة، ومن الملائكة استدعاء للرحمة من الله، وهذا القول هو المعروف عند كثير من المتأخرين، وقيل: إن الصلاة مغفرته.
قال جويبر عن الضحاك: ﴿هو الذي يصلي عليكم وملائكته﴾ (١) صلاة الله مغفرته، وصلاة الملائكة الدعاء، وهذا القول من جنس الذي قبله، ورد بوجوه:
أحدها: أن الله - تعالى - قد فرق بين صلاته على عباده ورحمته، فقال تعالى: ﴿وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ (2).
فعطف - تعالى - الرحمة على الصلاة، فاقتضى ذلك تغايرهما، وهذا أصل العطف.
وأما قول الشاعر:
* فألفى قولها كذبا ومينا * فإنه شاذ لا يحمل عليه أفصح الكلام مع أن المين أخص من الكذب.
ثانيها: أن صلاة الله - تعالى - خاصة بأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين.
وأما رحمته فوسعت كل شئ فليست الصلاة مرادفة للرحمة، لكن الرحمة من لوازم الصلاة وموجباتها وثمراتها، فمن فسرها بالرحمة فقد فسرها ببعض ثمرتها وآحاد مقصودها، وهذا كثير ما يأتي في تفسير ألفاظ القرآن،