- تعالى - أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل، فلا بد أن ينال المصلي عليه نوعا من ذلك.
الحادية والثلاثون: أنها سبب للبركة في ذات المصلي، وفي عمله، وفي عمره، وفي أسباب مصالحه، لأنه داع ربه أن يبارك على نبيه وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنسه.
الثانية والثلاثون: أنها سبب لنيل المصلي عليه صلى الله عليه وسلم رحمة الله له، لأن الرحمة إما معنى الصلاة، وإما من لوازمها وموجباتها، فلا بد للمصلي عليه من رحمة تناله.
الثالثة والثلاثون: أنها سبب لدوام محبة المصلي عليه له وزيادتها وتضاعفها، وقد تقرر أن محبته صلى الله عليه وسلم عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم بدونه، وذلك أن العبد كلما أكثر من ذكر محبوبه، ومن استحضاره في قلبه، واستجلاء محاسنه، وتذكر معانيه الجالبة لحبه، تضاعف حبه، وتزايد شوقه إليه، واستولى على قلبه بأسره، وإن أعرض عن ذكره، وإحضاره قلبه، وغفل عن تذكر محاسنه، تناقص حبه من قلبه.
ومن المعلوم عند كل أحد أنه لا شئ أقر لعين المحب من رؤية محبوبه، ولا أسر لقلبه من ذكره وتذكر معانيه واستجلائه لجمال محياه وتصوره محاسنه، فإذا قوي ذلك في قلب المحب، جرى لسانه بمدح محبوبه والثناء عليه، وبث محاسنه بحسب زيادة حبه ونقصانه.
ولما كانت كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم موجبة بدوام محبته ونسيانه سببا لزوال محبته أو ضعفها، وكان الله - سبحانه وتعالى - هو المستحق من عباده نهاية المحبة ومع غاية التعظيم والإجلال، لكان ذكره تعالى أنفع.
أما للعبد فإن الذكر للقلب كالماء للزرع، بل كالماء للسمك، لا حياة له إلا به، وكانت محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبته - تعالى.
الرابعة والثلاثون: أنها سبب لمحبته صلى الله عليه وسلم للمصلي عليه، فإنها لما كانت سببا لزيادة محبة المصلي عليه له، كانت سببا لمحبته هو المصلي عليه.
الخامسة والثلاثون: أنها سبب لهداية المصلي عليه وإحياء قلبه، فإنه كلما أكثر من ذكره ومن الصلاة عليه استولت محبته على القلب حتى لا يبقى