بلحم ومرة بسمن ومرة بلبن (1).
وقال الواقدي: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلمطاف على نسائه في غسل واحد (2)، " ويروى " أنه طاف عليهن يغتسل من كل امرأة.......
(1) (طبقات ابن سعد): 1 / 409.
(2) قال الإمام النووي: وأما طوافه على نسائه بغسل واحد، فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بينهما، أو يكون المراد بيان جواز ترك الوضوء، وقد جاء في (سنن أبي داود) أنه صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة، يغتسل عند هذه وعند هذه، فقيل: يا رسول الله، ألا تجعله غسلا واحدا؟ فقال: هذا أزكى، وأطيب، وأطهر، قال أبو داود: والحديث الأول أصح، قلت: وعلى تقدير صحته، يكون هذا في وقت وذاك في وقت، والله تعالى أعلم.
واختلف العلماء في حكمة هذا الوضوء: فقال أصحابنا: لأنه يخفف الحدث، فإنه يرفع الحدث عن أعضاء الوضوء. وقال أبو عبد الله المازري رضي الله عنه: اختلف في تعليله، فقيل: ليبيت على إحدى الطهارتين، خشية أن يموت في منامه. وقيل: بل لعله ينشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه.
قال المازري ويجري هذا الخلاف في وضوءالحائض قبل أن تنام، فمن علل المبيت على طهارة استحبه لها. هذا كلام المازري.
وأما أصحابنا: فإنهم متفقون على أنه لا يستحبالوضوءللحائضوالنفساء، لأن الوضوء لا يؤثر في حدثهما، فإن كانت الحائض قد انقطعت حيضتها، صارت كالجنب والله تعالى أعلم.
وأما طواف النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه بغسل واحد، فهو محمول على أنه كان برضاهن، أو برضى صاحبة النوبة، إن كانت نوبة واحدة، وهذا التأويل يحتاج إليه من يقول: كان القسم واجبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدوام، كما يجب علينا، وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل، فإنه له أن يفعل ما يشاء. وهذا الخلاف في وجوب القسم، هو وجهان لأصحابنا، والله تعالى أعلم.
وفي هذه الأحاديث المذكورة في الباب: أن غسل الجنابة ليس على الفور، وإنما يتضيق على الإنسان عند القيام إلى الصلاة، وهذا بإجماع المسلمين.
وقد اختلف أصحابنا في الموجب لغسل الجنابة: هل هو حصول الجنابة بالتقاء الختانين أو إنزال المني؟
أم هو القيام إلى الصلاة؟ أم هو حصول الجنابة مع القيام إلى الصلاة؟ - فيه ثلاثة أوجه لأصحابنا، ومن قال: يجب بالجنابة قال: هو وجوب موسع.
وكذا اختلفوا في موجب الوضوء: هل هو الحدث أم القيام إلى الصلاة؟ أم المجموع؟
وكذا اختلفوا في الموجب لغسل الحيض، هل هو خروج الدم أم انقطاعه؟ والله تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي): 3 / 222، كتاب الحيض، باب (6) جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له، وغسل الفرج إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أو يجامع، حديث رقم (309)، (عون المعبود): 1 / 253، كتاب الطهارة، باب (85) في الجنب يعود، حديث رقم (215)، عن أنس رضي الله تعالى عنه.