فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا، ودعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالاسلام، " فأنزل الله جل جلاله: " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين (1) "، وقال: " أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " (2)، فدعي يومئذ زيد بن حارثة، ودعي الأدعياء إلى آبائهم، " فدعي المقداد إلى عمرو، وكان يقال له قبل ذلك المقداد بن الأسود، وكان الأسود بن عبد يغوث الزهري قد تبناه " (3).
قال الزهري: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة، وقد روي من وجوه أن أول من أسلم خديجة، وهو الحق، وشهد زيد بدرا، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة بن زيد، وبه كان يكنى، وكان يقال لزيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين، ويقال بعشرين سنة، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، ثم طلقها زيد فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم المنافقون وطعنوا في ذلك وقالوا:
محمد يحرم نساء الولد وقد تزوج امرأة ابنه، فأنزل الله تعالى: " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين " (4)، ونزلت " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عن الله " (5).