فكفوا عن الوجد الذي قد شجاكم * ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر فإني بحمد الله في خير أسرة * كرام معد كابرا بعد كابر فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه فقال: ابني ورب الكعبة! ووصفوا له موضعه وعند من هو، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة، فسألا عن النبي، فقيل: فهو في المسجد، فدخلا عليه فقالا: " يا ابن عبد الله " (1)، يا ابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، " فإنا سنرفع لك في الفداء " قال: من هو؟ قالوا: زيد بن حارثة، فقال " رسول الله صلى الله عليه وسلم ":
فهلا غير ذلك؟ قالوا: وما هو؟ قال: ادعوه فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم " بغير فداء "، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني " أحدا "، قالا: قد زدتنا على النصف، وأحسنت، فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، قال: من هذا؟ قال: هذا أبي، وهذا عمي، قال: فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني واخترهما، " فقال زيد ": ما أنا بالذي اختار عليك أحدا، أنت مني " مكان " الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك وعلى أهل بيتك!
قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا.