الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل كل أولياء الله من ثمرك فعلت، فزعم أنه سمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يقول له: نعم قد فعلت مرتين، فسئل النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: اختار أن أغرسه في الجنة (1).
وقال البغوي وعبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثنا عيسى بن سالم أبو سعيد الشاشي، حدثنا عبيد الله بن عمر - يعني الرقي عن وهب عن عبد الله بن محمد ابن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي إلى جذع [وكان المسجد عريشا] (2)، فقال رجال من أصحابه: ألا نجعل شيئا تقوم عليه يوم الجمعة حتى يراك الناس وتسمع خطبتك؟ فقال: نعم، فصنع له ثلاث درجات فقام عليها كما كان يقوم، فصغى (3) إليه الجذع فقال له: أسكن، ثم (4) قال لأصحابه: [هذا الجذع حن إلي، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): أسكن] (5) إن تشأ غرستك (6) في الجنة فيأكل منك الصالحون، وإن تشأ أعيدك (7) رطبا كما كنت، فاختار الآخرة على الدنيا، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دفع إلى أبي فلم يزل عنده حتى أكلته الأرضة (8).
قال البيهقي رحمه الله: هذه الأحاديث التي ذكرناها في أمر الحنانة كلها صحيحة، وأمر الحنانة من الأمور الظاهرة، والأعلام النيرة التي أخذها الخلف عن السلف، ورواية الأحاديث فيه كالتكليف، والحمد لله على الإسلام والسنة، وبه العياذ والعصمة (9).