نجار واحد، قال: فذهبت أنا وذلك النجار إلى الغابة فقطعنا هذا المنبر من أثلة، قال: فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فحنت الخشبة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ألا تعجبون من هذه الخشبة؟ فأقبل الناس عليها فرقوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأتاها فوضع يده عليها فسكنت، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بها فدفنت تحت منبره أو جعلت في السقف (1).
ومن حديث عكرمة بن عمار قال: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقوم مسندا ظهره إلى جذع منصوب في المسجد يوم الجمعة، فخطب الناس فجاءه رومي فقال:
يا رسول الله! ألا أصنع لك شيئا تقعد عليه كأنك قائم؟ فصنع له منبرا درجتين ويقعد على الثالثة، فلما قعد على المنبر خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد بخواره، فنزل إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فالتزمه فسكن، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): والذي نفسي بيده، لو لم ألتزمه لما زال كذا إلى يوم القيامة حزنا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم أمر به فدفن (2).
ومن حديث ابن المبارك قال: حدثنا مبارك بن فضالة قال: حدثني الحسن عن أنس بن مالك، أن رسول الله (صلى لله عليه وسلم) كان يخطب يوم الجمعة ويسند ظهره إلى خشبة، فلما كثر الناس قال: ابنوا لي منبرا، فسوي له منبرا إنما كانت له عتبتين، فتحول من الخشبة إلى المنبر، قال: فحنت والله الخشبة حنين الواله (2)، قال أنس: وأنا في المسجد أسمع ذلك، قال: فوالله ما زالت تحن حتى نزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المنبر فمشى إليه فاحتضنها فسكنت، فبكى الحسن وقال: يا معشر المسلمين! الخشبة تحن إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شوقا إليه! أفليس الرجال الذين يرجون لقاءه أحق أن يشتاقوا إليه (3)؟