ومن حديث أبي معاوية عن الأعمش، عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال:
جاء حبريل عليه السلام إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) - وهو خارج من مكة قد خضبه أهل مكة بالدماء - فقال: ما لك؟ قال: خضبني هؤلاء بالدماء، وفعلوا وفعلوا، قال: تريد أن أريك آية؟ قال: نعم، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فجاءت تخط الأرض حتى قامت بين يديه، قال: مرها فلترجع، قال: فارجعي إلى مكانك فرجعت إلى مكانها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): حسبي (١).
ومن حديث يونس بن بكير عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى شعاب مكة - وقد دخله من الغم ما شاء الله من تكذيب قومه إياه - فقال: رب أرني ما أطمئن إليه ويذهب عني هذا الغم، فأوحى الله إليه:
ادع أي أغصان هذه الشجرة شئت، فدعى غصنا فانتزع من مكانه، ثم خد في الأرض حتى جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ارجع إلى مكانك، فرجع الغصن فخد في الأرض حتى استوى كما كان، فحمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وطابت نفسه ورجع، وقد كان قال المشركون: أتضلل (٢) آبائك وأجدادك يا محمد؟
فأنزل الله عز وجل: (أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون)، إلى قوله:
﴿وكن من الشاكرين﴾ (3).
قال البيهقي: وهذا المرسل لما تقدم من الموصول شاهد، وقد سخر الله تعالى الشجرة لنبينا (صلى الله عليه وسلم) حتى جعلها آية لنبوته لمن طلب منه آية، وشهدت له الشجرة بالنبوة في بعض الرواية.
فذكر من طريق محمد بن فضيل عن أبي حبان عن عطاء، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فأقبل أعرابي فلما دنا منه