كما تقر القارورة، ومعنى يقرها، يصيبها ويفرغها. قال الراجز:
لا تقرعن في أذني بعدها * ما يستقر فأريك فقدها وفي تفسير ابن سلام عن ابن عباس قال: إذا رأى الشهاب الجني لم يخطئه ويحرق ما أصاب ولا يقتله. وعن الحسن: يقتله في أسرع من طرفة العين.
قال: والذي انقطع اليوم إلى يوم القيامة: أن تدرك الشياطين ما كانت تدركه في الجاهلية الجهلاء، وعند تمكنها من سماع أخبار السماء، وما يوجد اليوم من كلام الجن على ألسنة المجانين، إنما هو خبر منهم عما يرونه في الأرض مما لا نراه نحن، كسرقة سارق أو خبيئه في مكان خفي أو نحو ذلك، وإن أخبر أنما سيكون، كان [تخرصا] (١) وتظنينا، فيصيبون قليلا ويخطئون كثيرا.
وذلك القليل الذي يصيبون فيه هو مما تتكلم به الملائكة في العنان، كما في حديث البخاري، فيطردون بالنجوم، فيضيفون إلى الكلمة الواحدة أكثر من مائة كذبة، - كما قال (صلى الله عليه وسلم) في الحديث -.
فإن قيل: قد كان صاف بن صياد، وكان يتكهن ويدعي النبوة، وخبأ له النبي (صلى الله عليه وسلم) خبيئا فعلمه، وهو الدخان، فقال: الدخ، فأين انقطاع الكهانة في ذلك الزمان؟ قلنا: عن هذا جوابان.
أحدهما: ذكره الخطابي في أعلام الحديث، قال: الدخ نبات يكون بين النخل، وخبأ له النبي (صلى الله عليه وسلم) ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين﴾ (2)، فعلى هذا لم يصب ما خبأ له النبي (صلى الله عليه وسلم) الثاني: أن شيطانه كان يأتيه بخبر السماء لمكان القذف والرجم، فإن كان أراد بالدخ الدخان، فليس هذا من أخبار السماء، إذ يمكن أن يكون قرب من النبي (صلى الله عليه وسلم) حين ذكر الآية سرا، فسمع منها ذكر الدخان بقوة جعلت في أسماعهم