محمدا (صلى الله عليه وسلم)، فمنعوا تلك المقاعد، فذكروا ذلك لإبليس فقال: لقد حدث في الأرض حدث، فبعثهم فوجدوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتلو القرآن بين جبلي نخل، قالوا:
هذا والله الحدث، وإنهم ليرمون، فإذا توارى النجم عنكم فقد أدركه لا يخطئ أبدا ولكنه لا يقتله، يحرق وجهه، جنبه، يده (1).
وخرجه الترمذي من حديث إسرائيل، حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره بمعناه ثم قال: هذا حديث حسن صحيح (2).
واستدل البيهقي أيضا بحديث آدم بن أبي إياس قال: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: (حتى إذا فزع عن قلوبهم) (3)، قال: كان لكل قبيل من الجن مقعد من السماء يستمعون منه الوحي، وكان إذا نزل الوحي سمع له صوت كإمرار السلسلة عل الصفوان، فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ما ذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، وهو العلي الكبير، ثم يقول يكون العام كذا، ويكون [كذا] (4)، فتسمعه الجن فيخبرون الكهنة به، والكهنة [يقولون للناس] (5):
يكون كذا [و] (4) كذا فيجدونه كذلك، فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه وسلم) دحروا، فقالت العرب حين لم تخبرهم الجن بذلك: هلك من في السماء، فجعل صاحب الإبل ينحر كل يوم بعيرا، وصاحب البقر ينحر كل يوم بقرة، وصاحب الغنم شاة، حتى أسرعوا في أموالهم، فقالت ثقيف - وكانت أعقل العرب -: أيها الناس، أمسكوا على أموالكم، فإنه لم يمت من في السماء، وإن هذا ليس بانتثار ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي؟ والشمس والقمر والليل والنهار، قال:
فقال إبليس: لقد حدث اليوم في الأرض حدث، فأتوني من تربة كل أرض،