وخرج قاسم بن أصبغ من حديث سهل بن يوسف، عن حميد قال: سئل أنس:
هل كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرفع يديه في الدعاء؟ فقال: نعم، شكى الناس إليه ذات جمعة فقالوا يا رسول الله! قحط المطر وأجدبت الأرض وهلك المال، قال: فرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه، وما في السماء قزعة سحابة، فما صلينا حتى أن الشاب القوي القريب المنزل ليهمنه الرجوع إلى منزله، قال: فدامت علينا جمعة، قال:
فقالوا: يا رسول الله؟ تهدمت الدور واحتبس الركبان، قال: فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من سرعة ملالة ابن آدم فقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فأصحت السماء.
وذكر البخاري - غفر الله ذنوبه - في باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء، من حديث سليمان بن بلال قال: قال يحيى بن سعيد: سمعت أنس ابن مالك [يقول:] أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم الجمعة فقال: يا رسول الله! هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يديه يدعو، ورفعوا أيديهم معه يدعون، قال: فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا، فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، يشق المسافر ومنع الطريق (1).
وذكر أبو عمر بن عبد البر - رحمة الله عليه - عن موسى بن عقبة، أن أعرابيا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد أجدبت عليهم السنة، فقال: يا رسول الله! إنه مرت بنا سنون كسني يوسف، فادع الله لنا، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المنبر يجر رداءه وحوله عن كتفه ثم قال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا هزجا نجحا، فما استتم الدعاء حتى استقلت سحابة تمطر سحا، فلم يزل كذلك حتى قدم أهل الأسافل يصيحون: الغرق، فضحك عليه السلام حتى بدت نواجذه ثم قال: لله در أبو طالب! لو كان حاضرا لقرت عيناه، أما منكم أحد ينشدني شعره؟ فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه