أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره، فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد، فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمد أبدا، وقال: لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا، ولكني أتيته، فقص عليهم القصة، فأجابني بشئ والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة، قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم * حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون) حتى بلغ:
(فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود)، فأمسكت بفيه وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمد إذا قال شيئا لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب (1).
وخرجه من حديث ابن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني يزيد بن زيادة مولى بني هاشم، عن محمد بن كعب قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة (2) - وكان سيدا حكيما - قال: ذات يوم وهو جالس في نادي قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده، يا معشر قريش، ألا أقوم إلى هذا فأكلمه، فأعرض عليه أمورا لعله يقبل منا بعضها، ويكف عنا؟ قالوا: بلى يا أبا الوليد، فقام عتبة ابن ربيعة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث فيما قال له عتبة، وفيما عرض عليه من المال والملك وغير ذلك، حتى إذا فرغ [عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أفرأيت يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فاسمع مني، قال: أفعل] (3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم * حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا)، فمضى رسول الله يقرأها عليه، فلما سمعها عتبة أنصت لها، وألقى بيديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه، حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة (4) فسجد فيها، ثم قال: سمعت يا أبا الوليد؟ قال: سمعت، قال: فأنت وذاك.
فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: