إلى ابن زياد: قد بلغني أن الحسين قد توجه إلى نحو العراق، فضع المناظر والمسالح، واحترس واحبس على الظنة وخذ على التهمة، غير أن لا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إلي في كل ما يحدث من خير والسلام.
قال الزبير بن بكار: وحدثني محمد بن الضحاك قال: لما أراد الحسين الخروج من مكة إلى الكوفة مر بباب المسجد الحرام وقال:
لاذعرت السوام في فلق الصبح * مغيرا ولا دعيت يزيدا يوم أعطي مخافة الموت ضيما * والمنايا ترصدنني أن أحيدا وقال أبو مخنف: قال أبو جناب يحيى بن أبي خيثمة عن عدي بن حرملة الأسدي عن عبد الله بن سليم والمنذر بن المشمعل الأسديين قالا: خرجنا حاجين من الكوفة فقدمنا مكة فدخلنا يوم التروية فإذا نحن بالحسين وابن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب، فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين: إن شئت أن تقيم أقمت فوليت هذا الامر فوازرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك؟. فقال الحسين: إن أبي حدثني أن لها كبشا يستحل حرمتها يقتل، فما أحب أن أكون أنا ذلك الكبش. فقال له ابن الزبير: فأقم إن شئت وولني أنا الامر فتطاع ولا تعصى، فقال: وما أريد هذا أيضا، ثم إنهما أخفيا كلامهما دوننا، فما زالا يتناجيان حتى سمعنا دعاة الناس متوجهين إلى منى عند الظهيرة، قالا: فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة، وقصر من شعره، وحل من عمرته، ثم توجه نحو الكوفة وتوجهنا نحن مع الناس إلى منى.
وقال أبو مخنف: حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن عقبة بن سمعان. قال: لما خرج الحسين من مكة اعترضه رسل (1) عمرو بن سعيد - يعني نائب مكة - عليهم أخوه يحيى بن سعيد، فقالوا له: انصرف أين تريد؟ فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان وتضاربوا بالسياط والعصي، ثم إن حسينا وأصحابه امتنعوا منهم امتناعا قويا، ومضى الحسين على وجهه ذلك، فناداه:
يا حسين ألا تتقي الله؟ تخرج من الجماعة وتفرق بين الأمة بعد اجتماع الكلمة؟ قال: فتأول الحسين هذه الآية * (لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل أنا برئ مما تعملون) * [يونس: 41].
قال: ثم إن الحسين مر بالتنعيم (2) فلقي بها عيرا قد بعث بها بجير بن زياد (3) الحميري