أمر فتيانه أن يستقوا من الماء ويكثروا منه، ثم سار حتى مر ببطن العقبة فنزل بها.
وقال محمد بن سعد: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك قال: حدثني من شافه الحسين قال: رأيت أخبية مضروبة بفلاة من الأرض فقلت: لمن هذه؟
قالوا: هذه لحسين قال: فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خديه ولحيته، قال قلت: بأبي وأمي يا بن بنت رسول الله ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد؟ فقال:
هذه كتب أهل الكوفة إلي ولا أراهم إلا قاتلي، فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلا انتهكوها، فيسلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قرم الأمة - يعني مقنعتها - وأخبرنا علي بن محمد عن الحسن بن دينار عن معاوية بن قرة. قال: قال الحسين: والله لتعتدن علي كما اعتدت بنو إسرائيل في السبت. وحدثنا علي بن محمد عن جعفر بن سليمان الضبعي. قال قال الحسين:
والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قرم الأمة. فقتل بنينوى يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو بكر الحميدي، ثنا سفيان، ثنا شهاب بن حراش، عن رجل من قومه.
قال: كنت في الجيش الذي بعثهم ابن زياد إلى الحسين، وكانوا أربعة آلاف يريدون قتال الديلم، فعينهم ابن زياد وصرفهم إلى قتال الحسين، فلقيت حسينا فرأيته أسود الرأس واللحية، فقلت له: السلام عليك أبا عبد الله، فقال: وعليك السلام - وكانت فيه غنة - فقال: لقد باتت فيكم سللة منذ الليلة - يعني سراقا - قال شهاب: فحدثت به زيد بن علي فأعجبه وكانت فيه غنة - قال سفيان بن عيينة: وهي في الحسينيين.
قال أبو مخنف عن أبي خالد الكاهلي. قال: لما صبحت الخيل الحسين بن علي رفع يديه فقال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي من كل أمر نزل ثقة وعدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك، رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت لي ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام:
حدثني حجاج بن محمد عن أبي معشر عن بعض مشيخته. قال قال الحسين حين نزلوا كربلاء: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا كربلاء، قال: كرب وبلاء. وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد لقتالهم، فقال له الحسين: يا عمر اختبرني إحدى ثلاث خصال، إما أن تتركني أرجع كما جئت، فإن أبيت هذه فسيرني إلى يزيد فأضع يدي في يده فيحكم في ما رأى، فإن أبيت هذه فسيرني إلى الترك فأقاتلهم حتى أموت. فأرسل إلى ابن زياد بذلك، فهم أن يسيره إلى يزيد، فقال شمر بن ذي الجوشن: لا! إلا أن ينزل على حكمك، فأرسل إلى الحسين بذلك فقال الحسين: والله لا أفعل، وأبطأ عمر عن قتاله فأرسل ابن زياد شمر بن ذي الجوشن وقال له: إن تقدم عمر فقاتل