فلا يمتنع على هذا أن يكون مريم أفضل من سارة وأم موسى لعموم قوله: (واصطفاك على نساء العالمين) إذ لم يعارضه غيره والله أعلم. وأما قول الجمهور كما قد حكاه أبو الحسن الأشعري وغيره عن أهل السنة والجماعة من أن النبوة مختصة بالرجال (1) وليس في النساء نبية فيكون أعلى مقامات مريم كما قال الله تعالى: (ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة) [المائدة: 75] فعلى هذا لا يمتنع أن تكون أفضل الصديقات المشهورات ممن كان قبلها وممن يكون بعدها والله أعلم. وقد جاء ذكرها مقرونا مع آسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد رضي الله عنهن وأرضاهن.
وقد روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عديدة: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد " (2). وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حسبك من نساء العالمين بأربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد " (3) ورواه الترمذي عن أبي بكر بن زانجويه، عن عبد الرزاق به وصححه. ورواه ابن مردويه من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي. وابن عساكر من طريق تميم بن زياد كلاهما عن أبي جعفر الرازي عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير نساء العالمين أربع:
" مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد رسول الله " وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري عن ابن المسيب قال كان أبو هريرة يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه لزوج في ذات يده " (4) قال أبو هريرة ولم تركب مريم بعيرا قط. وقد رواه مسلم في صحيحه عن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق به. وقال أحمد حدثنا زيد بن الحباب، حدثني موسى بن علي، سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرأفه بزوج على قلة ذات يده " (5) قال أبو هريرة وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابنة عمران لم تركب الإبل، تفرد به. وهو على شرط