وروى ابن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن سمرة (1) عن عائشة قالت لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان (2). وتقدم أن سائس الفيل كان اسمه أنيسا فأما قائده فلم يسم والله أعلم.
وذكر النقاش في تفسيره أن السيل احتمل جثثهم فألقاها في البحر (3). قال السهيلي وكانت قصة الفيل أول المحرم من سنة ست وثمانين وثمانمائة (4) من تاريخ ذي القرنين.
قلت وفي عامها ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشهور. وقيل كان قبل مولده بسنين كما سنذكر إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
ثم ذكر ابن إسحاق ما قالته العرب من الاشعار في هذه الكائنة العظيمة التي نصر الله فيها بيته الحرام الذي يريد أن يشرفه ويعظمه ويطهره ويوقره ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وما يشرع له من الدين القويم الذي أحد أركانه الصلاة بل عماد دينه وسيجعل قبلته إلى هذه الكعبة المطهرة ولم يكن ما فعله بأصحاب الفيل نصرة لقريش إذ ذاك على النصارى الذين هم الحبشة: فإن الحبشة إذ ذاك كانوا أقرب لها من مشركي قريش وإنما كان النصر للبيت الحرام وإرهاصا وتوطئة لبعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
فمن ذلك ما قاله عبد الله بن الزبعرى السهمي:
تنكلوا عن بطن مكة إنها * كانت قديما لا يرام حريمها (5) لم تخلق الشعرى ليالي حرمت * إذ لا عزيز من الأنام يرومها (6) سائل أمير الحبش عنها ما رأى * فلسوف ينبي الجاهلين عليمها (7)