ورواه موسى بن عقبة، عن صفوان هو ابن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد أسنده ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام في تاريخه من طرق: عن إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، ومن طريق أبي عاصم، عن أبي بكر السبري عن صفوان بن سليم به.
والمراد بالقرآن ههنا الزبور الذي أنزله عليه، وأوحاه إليه، وذكر رواية أشبه أن يكون محفوظا فإن كان ملكا له أتباع، فكان يقرأ الزبور بمقدار ما تسرج الدواب وهذا أمر سريع مع التدبر والترنم والتغني به على وجه التخشع صلوات الله وسلامه عليه وقد قال الله تعالى: (وآتينا داود زبورا) [الاسراء: 55] والزبور كتاب مشهور وذكرنا في التفسير الحديث الذي رواه أحمد وغيره أنه أنزل في شهر رمضان وفيه من المواعظ والحكم (1) ما هو معروف لمن نظر فيه. وقوله:
(وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) أي أعطيناه ملكا عظيما وحكما نافذا. روى ابن جرير وابن أبي حاتم: عن ابن عباس: أن رجلين تداعيا إلى داود عليه السلام في بقر. ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه، فأنكر المدعى عليه، فأرجأ أمرهما إلى الليل، فلما كان الليل أوحى الله إليه أن يقتل المدعي فلما أصبح قال له داود: إن الله قد أوحى إلي أن أقتلك، فأنا قاتلك لا محالة فما خبرك فيما ادعيته على هذا؟ قال: والله يا نبي الله إني لمحق فيما ادعيت عليه ولكني كنت اغتلت أباه قبل هذا فأمر به داود فقتل فعظم أمر داود في بني إسرائيل جدا وخضعوا له خضوعا عظيما. قال ابن عباس وهو قوله تعالى: (وشددنا ملكه) وقوله تعالى: (وآتيناه الحكمة) أي النبوة (2) (وفصل الخطاب) قال شريح والشعبي وقتادة وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم فصل الخطاب الشهود والايمان يعنون بذلك البينة على المدعي واليمين على من أنكر (3).
وقال مجاهد والسدي هو إصابة القضاء وفهمه. وقال مجاهد هو الفصل في الكلام وفي الحكم واختاره ابن جرير وهذا لا ينافي ما روي عن أبي موسى أنه قول " أما بعد ". وقال وهب بن منبه لما كثر الشر وشهادات الزور في بني إسرائيل أعطي داود سلسلة لفصل القضاء فكانت ممدودة من السماء إلى صخرة بيت المقدس وكانت من ذهب، فإذا تشاجر الرجلان في حق فأيهما كان محقا نالها والآخر لا يصل إليها فلم تزل كذلك حتى أودع رجل رجلا لؤلؤة فجحدها منه واتخذ عكازا