فقال هارون: ادعوا إلى أبي يحيى بن خالد وكان يحيى يتولى ما كان إلى الرشيد من أعمال المغرب من الأنبار إلى أفريقية فاستدعي بيحيى غلى الرشيد فقال ما تقول فيما رأى هؤلاء وأخبره الخبر قال لا أرى ذلك لأن هذا لا يخفى ولا آمن إذا علم الجند أن يتعلقوا بمحمله ويقولوا لا نخلي حتى يعطي لثلاث سنين وأكثر أو يتحكموا ويشتطوا ولكني أرى أن يوارى رحمه الله ههنا، وتوجه نصيرا إلى أمير المؤمنين الهادي بالخاتم والقضيب والتعزية والتهنئة فإن الناس لا ينكرون خروجه، إذ هو على بريد الناحية وأن تأمر لمن تبعك من الجند بجوائز مائتين وتنادي فيه بالرجوع فلا تكون لهم همة سوى أهلهم.
ففعل ذلك، فلما قبض الجند الدراهم تنادوا بغداد وأسرعوا إليها فلما بلغوها وعلموا خبر المهدي أتوا باب الربيع وأحرقوه وأخرجوا من كان في الحبوس وطالبوا بالأرزاق.
فلما قدم الرشيد بغداد أرسلت الخيزران إلى الربيع وإلى يحيى بن خالد تستدعيهما لتشاورهما في ذلك فأما الربيع فدخل عليها وأما يحيى فامتنع لما يعلم من غيرة الهادي وجمع الأموال حتى أعطى الجند لسنتين فسكتوا.
وكتب الهادي إلى الربيع كتابا يتهدده بالقتل وكتب إلى يحيى يشكره ويأمره بأن يقوم بأمر الرشيد.