يوم الخميس لثمان عشرة مضت من ربيع الأول وكان بدو علته أنه احتجم أول يوم في المحرم واعتل عندها.
قال زنام الزامر: أفاق المعتصم في علته التي مات فيها إفاقة قال هيؤوا لي الزلال لأركب غدا فركب في الزلال في دجلة وأنا معه، فمر بإزاء منازله، فقال يا زنام ازمر لي:
(يا منزلا لم تبل أطلاله * حاشى لأطلالك أن تبلى) (لم أبك أطلالك لكنني * بكيت عيشي فيك إذ ولى) (والعيش أولى ما بكاه الفتى * لا بد للمحزون أن يسلى) قال: فما زلت أزمر له هذا الصوت وأكرره وقد تناول منديلا بين يديه فما زال يبكي فيه وينتحب حتى رجع إلى منزله.
ولما احتضر المعتصم جعل يقول ذهبت الحيل ليست حيلة حتى أصمت ثم مات ودفن بسامرا.
وكان خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر ويومين وكان مولده سنة تسع وسبعين ومائة وقيل سنة ثمانين ومائة في الشهر الثامن وهو ثامن الخلفاء والثامن من ولد العباس ومات عن ثمانية بنين وثمان بنات وملك ثمان سنين وثمانية أشهر فعلى القول الأول يكون عمره سبعا وأربعين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما وعلى القول الثاني يكون عمره سبعا وأربعين وسبعة أشهر.
وكان أبيض أصهب اللحية طويلها مربوعا مشرب اللون حمرة