وكان عند سرخاستان رجل من أهل العراق يقال له أبو شاس يقول الشعر وهو ملازم له ليتعلم منه أخلاق العرب فلما هجم عسكر العرب على سرخاستان انتهبوا جميع ما لأبي شاس وخرج وأخذ جرة فيها ماء وأخذ قدحا وصاح الماء للسبيل وهرب فمر بمضرب كاتب الحسن فعرفه أصحابه فأدخلوه إليه فأكرمه وأحسن إليه وقال له قل شعرا تمدح به الأمير فقال والله ما بقي في صدري شيء من كتاب الله من الخوف فكيف أحسن الشعر؟
ووجه الحسن برأس سرخاستان إلى عبد الله بن طاهر وكان حيان بن جبلة مولى عبد الله بن طاهر قد أقبل مع الحسن كما ذكرنا وهو بناحية طميس وكاتب قارن بن شهريار وهو ابن أخي مازيار ورغبه في المملكة وضمن له أن يملكه على جبال أبيه وجده، وكان قارن من قواد مازيار وقد أنفذه مازيار مع أخيه عبد الله بن قارن ومعه عدة من قواده فلما استماله حيان ضمن له قارن أن يسلم إليه الجبال ومدينة سارية إلى حدود جرجان على هذا الشرط وكتب بذلك حيان إلى عبد الله بن طاهر فأجابه إلى كل ما سأل وأمر حيان أن لا يوغل حتى يستدل على صدق قارن لئلا يكون منه مكر وكتب حيان إلى قارن بإجابة عبد الله فدعا قارن بعمه عبد الله بن قارن وهو أخو مازيار ودعا جميع قواده إلى طعامه فلما وضعوا سلاحهم واطمأنوا أحدق بهم أصحابه في السلاح وكتفهم ووجه بهم إلى حيان فلما صاروا إليه استوثق منهم وركب في أصحابه حتى دخل جبال قارن.