وقد أضر بنا البرد فانزل على أي حالة كانت إما راجعين وإما إلى الكافر.
وكان بابك في أيام الضباب والثلج قد بيت الأفشين وبعض عسكره وانصرف الأفشين إلى عسكره فضرب بغا الكبير الطبل وانحدر يريد البذ ولا يعلم بما تم على الأفشين بل يظنه في موضع عسكره فلما نزل إلى بطن الوادي رأى السماء منجلية والدنيا طيبة غير رأس الجبل الذي كان عليه فعبأ أصحابه وتقدم إلى البذ حتى صار بحيث يزلق جبل البذ ولم يبق بينه وبين أن يشرف على أبيات البذ إلا صعود نصف ميل.
وكان على مقدمته جماعة فيهم غلام لابن البعيث له قرابة البذ فلقيهم طلائع بابك فعرف بعضهم الغلام فسأله عم له عمن معه من أهله فأخبره فقال له ارجع وقل لمن تعني به يتنحى فإنا قد هزمنا الأفشين ومضى إلى خندقه وتهيأنا لكم عسكرين فعجل بالانصراف لعلك تفلت.
فرجع الغلام فأخبر ابن البعيث فأخبر بغا بذلك فشاور أصحابه فقال بعضهم هذا باطل هذه خدعة وقال بعضهم هذا رأس جبل ينظر إلى عسكر الأفشين فصعد بغا ومعه نفر إلى رأس الجبل فلم يروا عسكر الأفشين فتيقن أنه مضى وتشاوروا فرأوا أن ينصرف الناس قبل أن يجيئهم الليل فانصرفوا وجدوا في السير ولم يقصد الطريق الذي دخل منه لكثرة مضايقه بل أخذ طريقا يدور حول هشتادسر ليس فيه غير مضيق واحد فطرح الرجالة سلاحهم في الطريق وخافوا وصار بغا وجماعة القواد في الساقة وطلائع بابك تتبعهم وهم قدر عشرة فرسان فشاور بغا